في 30 أيلول (سبتمبر) الماضي، شنّ سلاح الجوّ الروسي أولى طلعاته على الأراضي السورية بحجة «محاربة الإرهاب» المتمثل في تنظيم «داعش». مع أولى هذه الطلعات، بدأت حرب إعلامية غير مسبوقة على الجبهات السورية المعارضة والقنوات الخليجية الداعمة لها، وحتى الغربية.
بروباغندا اتكأت على تهشيم التدخل الروسي وتشويهه وتصوير المقاتلات الروسية بأنها تجزّر بالمدنيين وتسهم في تأجيج الحروب والعصبيات المذهبية والطائفية داخل سوريا. هذه الدعاية التي سرعان ما انتشرت بين هذه القنوات وعلى أغلفة الصحف، استنفرت في المقابل الطاقم الإعلامي الداعم لروسيا ولتدخلها العسكري في سوريا.
قناة «روسيا اليوم» الناطقة بالعربية، كانت الذراع الإعلامية الأبرز لموسكو. فيما كانت الطائرات الروسية تنفّذ غاراتها وتعلن تدمير مبان وتجهيزات لوجستية وعسكرية تابعة لـ «داعش»، كانت القناة الروسية الناطقة بالعربية تساند من الميدان بغية تبيان النقاط المستهدفة بشكل مباشر. تقرير بث يوم السبت الماضي، أظهر كيف تمّكن فريق القناة مع مراسلته شيرين العلي من الوصول الى أقرب نقطة في ريف حمص التي تعتبر أولى المناطق المستهدفة من قبل سلاح الجوّ الروسي. رأينا العلي تتحصن بدشمة عسكرية وترتدي الخوذة على رأسها وتنقل من هناك رسالتها المسجلة. في هذه الرسالة، أشارت المراسلة الى أنها توجد على بعد أمتار من مقار المجموعات الإرهابية. العلي كانت حريصة في هذا التقرير على تأكيد أن المناطق المستهدفة من قبل الغارات الروسية «خالية من المدنيين». واتكأت في هذا الخبر على ما أسمته «مصادر عسكرية سورية» أكدت بدورها أنّ ما تم استهدافه عبارة عن «مستودعات وذخيرة وخطوط إمداد عسكرية». الى جانب هذه المصادر العسكرية السورية، اعتمد التقرير على شرح خبير عسكري سوري أيضاً (لم يظهر وجهه) للعمليات العسكرية الروسية بالاتكاء على خريطة عسكرية تظهر النقاط المستهدفة، وتلفت الى أنّ هذه الغارات حصلت بالتعاون والتنسيق مع «القوات السورية العاملة على الأرض».
وبعيداً عن مناطق المستهدفة من قبل السلاح الروسي الجوّي، كانت كاميرا «روسيا اليوم» تستطلع أحوال السكان الذين يعيشون في مناطق مجاورة. اتكأت القناة أيضاً على استصراحاتهم، لتدحض المزاعم الغربية والخليجية بأنّ الغارات تستهدف المدنيين. هؤلاء المستصرحون أكدوا أن كل «المدنيين خرجوا من هذه المناطق» وأن الطيران الروسي لم «يضرب سوى المسلحين». وخلص التقرير الى الإشارة إلى أهمية الدور الروسي العسكري الذي «سيسهم في تقويض المجموعات المسلحة وتضييق الخناق على مقاتليها».
إذاً، تخوض قناة «روسيا اليوم» حرباً دفاعية إعلامية هذه المرة، وتقود الدعاية الروسية وتوضح أهمية التدخل العسكري الروسي في سوريا، وتسعى بتقاريرها الميدانية الى دحض الدعاية المقابلة. الى ذلك، تتكئ القناة على مجموعة تقارير غربية وعربية لتظهر أهمية الدور الروسي في سوريا. من ضمن هذه التقارير نشرت القناة الروسية تقريراً نقلاً عن صحيفة «غارديان» البريطانية يتضمن ترحيب أهالي مدينتيّ طرطوس واللاذقية بالضربات الروسية وتصوير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أنّه «المنقذ والبطل» من براثن «داعش»، مقابل التبخيس بالدور العسكري الأميركي الذي لم يحقق أهدافه في القضاء على هذا التنظيم الإرهابي.