وجد مصمّمو الإعلانات في إسرائيل ضالّتهم. ها هم «يستوحون» من قضية اغتيال المبحوح ليخرجوا بدعايات «قاتلة»!
صباح أيوب
هبط «الوحي» أخيراً على مصممي الإعلانات الإسرائيليين، فوجدوا في قضية اغتيال محمود المبحوح مادةً إعلانيةً! إذ بدأت التلفزيونات الإسرائيلية ببث دعاية لسوبرماركت يجري خفوضات في الأسعار. أما الجملة الإعلانية «الجاذبة» المستخدمة فكانت: «السوبرماركت يعرض عليكم أسعاراً قاتلة».
يصوّر الشريط الإعلاني ثلاثة أفراد يشبهون إلى حدّ بعيد عناصر «الموساد» المتهمين بقضية اغتيال مسؤول «حماس» في دبي كانت شرطة الإمارة قد وزّعت صورهم منذ فترة: هكذا، يظهر في الإعلان شخص يضع النظارات نفسها التي كان يضعها أحد المشتبه فيهم وآخر يحمل مضرب «تنس» وفتاة شقراء يتجوّلون في أروقة السويرماركت، فيما كاميرات الأمن تراقب كل تحركاتهم. أسلوب التصوير تشويقي ـــــ بوليسي. حتى أنّ بعض المشاهد تبثّ فعلاً من خلال عدسة كاميرا مراقبة أمنية معلّقة في السوبرماركت بطريقة مشابهة لما التقطته كاميرات المراقبة من صور في فندق دبي حيث وقعت الجريمة. ويختتم الإعلان عند صندوق المحاسبة حيث تظهر عبارة «نقوم بقتل أسعارنا!».
هكذا، حوّل المعلنون إحدى قضايا تورّط «الموساد» في اغتيال سياسي إلى إعلان تجاري يهدف إلى الربح واستقطاب أكبر عدد من الناس. وفي إحدى المقابلات، نفت الممثلة الإسرائيلية التي تظهر في الإعلان بأنّهم أرادوا «تثبيت أي تهمة على أحد»، بل اكتفت بالقول «استوحينا الفكرة من الحدث
فقط».
لم يتردد المعلنون الإسرائيليون للحظة في المتاجرة بقضية ملطّخة بالدماء، ولم يفكروا بعواقب استخدام تلك الفكرة حتى من الناحية القضائية الإسرائيلية. وفي هذا السياق، نقلت بعض الصحف عن أحد المسؤولين عن الإعلان قوله «خبر اغتيال المبحوح واتهام الموساد انتشرا في العالم كلّه وشغلنا نحن كإسرائيليين كثيراً. لذا، فكّرنا في استخدامه لمنافسة الحملات الإعلانية الأخرى» مضيفاً «وجدنا في ذلك استفزازاً فكاهياً جيداً للجمهور»!

حملة إعلانية أخرى انطلقت منذ فترة حاملةً شعار «الحجم لا يهمّ»

لغاية اليوم، لم تُسمع أي أصوات احتجاجية من جمعيّات حقوق الإنسان. لكن ماذا لو فكّر أحد المعلنين العرب مثلاً في استخدام قضية خطف الجنود الإسرائيليّين في حرب تموز ضمن إعلان متلفز؟
هناك حملة إعلانية إسرائيلية أخرى انطلقت منذ فترة وتحمل شعار: «الحجم لا يهمّ». مدوّنة إلكترونية وإعلان تلفزيوني وملصقات دعائية تفسر بالصوت والصورة كيف أنّ حجم «دولة إسرائيل» الصغير هو «غير مهم» للتمتع بمزايا البلد السياحية والضيافة والتعرف على الشعب... صور للداخل والبحر والحياة الليلية وصورة مثيرة لفتاة شبه عارية. هكذا تعرّف إسرائيل عن نفسها على مدوّنة «الحجم لا يهمّ». وفي خانة «هل تعلم؟» عرض لمعلومات «خاصة» عن تاريخ إسرائيل وإنجازاتها مثلاً: «هل تعلم أن إسرائيل تملك معظم الشركات الرائدة في البيوتيكنولوجيا في العالم» أو «هل تعلم أن إسرائيل هي البلد الأول في مكافحة التصحّر والمحافظة على المياه»! حتى أنّ الإعلان التلفزيوني يقول للسياح عن إسرائيل ما حرفيّته «هو بلد صغير لكنه كالجنّة»!
محاولة إسرائيل تصوير نفسها بلداً توّاقاً للسلام وشعباً مسالماً محبّاً للحياة تبدو فاشلة، لأن إصرار المعلنين على تجاهل الوضع المتأزم بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتركيزهم على الطمأنينة والهدوء اللذين تنعم بهما البلاد يبدو غير واقعي أبداً. أما شرحهم المستمر بأنهم «أصحاب الأرض» وهم «الأسبقون»، فلا يمثّل أي مادة إعلانية جاذبة بل يبدو كإعلان حرب!