بالفعل، انطلق موسم «التنزيلات» في قناة «الجزيرة» القطرية، ولكن «التصفيات» هذه المرة شكّلت علامة فارقة في تاريخ الشبكة الإخبارية التي انطلقت عام 1996. ورغم أن موجات الصرف باتت أمراً طبيعياً لدى المحطة، إلا أن القرار الذي بدأ مفعوله أخيراً ليس عادياً أبداً، ويطرح علامات استفهام كبيرة حول مستقبل المحطة وواقع الأزمة التي تعيشها.
مع عودة موظفي «الجزيرة» من إجازاتهم السنوية، فوجئوا بـ «طبخة» جديدة تحضّر له، وتقضي بالاستغناء عن نحو 40 في المئة من مجمل عددهم أيّ حوالى ألف موظف بينهم مذيعون ومراسلون ومخرجون وفنيون، من أصل ستة آلاف عامل تقريباً. ذلك القرار تمّ تحضيره بهدوء بعد اجتماعات سريّة بين الحكّام القطريين والقيادات العليا في القناة.
وانتظر القائمون على الشبكة الإخبارية رجوع العاملين لديها من فرصتهم الصيفية وبدأت تبلّغهم القرار تباعاً، على أن تنتهي لائحة التبليغات بعد عيد الأضحى. كانت رائحة «التفنيش» انطلقت قبل شهر تقريباً (الأخبار 4/8/2015)، ويومها تمّ الحديث عن الاستغناء عن ثمانين موظفاً في «الجزيرة» من مختلف الجنسيات.

طرد حوالي 1000 عامل
لدى المحطة
حينها، قيل إنّ القرار اتُخذ بناءً على تقرير أعدّته إحدى الشركات الأميركية المنوطة بها مهمّة تقييم قدرات الموظفين. ولكن يبدو أن ذلك الرقم تضاعف مئات المرّات، وحجة التقييم باتت قديمة ولا قيمة لها. مع تجلّي الصورة جيداً، اتّضح بأنّ رقم الثمانين كان السطر الأوّل فقط ضمن لائحة طويلة متنوّعة الجنسيات والوظائف. كما أن مسألة تقييم العاملين لم تعد سبباً مقنعاً للاستغناء عن العدد الكبير من الموظفين، بل تحوّلت الحجة إلى اقتصادية وسياسية. وتتحدّث بعض المصادر إلى «الأخبار» بأن «الجزيرة» أرجعت خطوة صرف العاملين إلى سعيها لتقليص النفقات في ظلّ الانخفاض المستمرّ لأسعار النفط.
كما أن «عاصفة الحزم» على اليمن التي انطلقت قبل أشهر وتشارك القطر فيها، انعكست سلباً (مادياً) على الحكومة القطرية. والاهم أن المصادر تشير إلى أن أغلبية المصروفين يغرّدون خارج سرب الإخوان المسلمين، أي معظمهم من الذين لا يسلكون النهج الاخونجي الذي تتبعه سياسة المحطة القطرية. وبالتالي إن «الجزيرة» سوف تخسر شريحة من موظفيها المعتدلين (نسبياً) الذين وإن لم يظهروا علناً في الأخبار والمقابلات، إلا أن هذه الشريحة كانت تشكّل تنوّعاً في أرجاء الشبكة. كما يُحكى أنه من ضمن لائحة المصروفين، أسماء إعلاميين ومقدّمين بارزين تمّ التخلّي عنهم، على أن يكشف عنهم قريباً. وهناك أحاديث عن إقفال فروع عدّة لقناة «الجزيرة» المنتشرة في مختلف الدول. باختصار، يبدو أن «الجزيرة» مصرّة على النكران والمضي قُدماً في سياستها التحريضية.