كيف توصد الأبواب فجأة في وجه زوار موقع معيّن على الإنترنت؟ في الأيّام العصيبة الماضية، باتت «القرصنة» التي تعرّض لها موقع «الأخبار» على كل شفة ولسان، وتخطّى الاعتداء المؤذي دائرة القرّاء العرب ليصل إلى الصحافة العالميّة. لكن ما هي طبيعة هذا «الاجتياح» الافتراضي؟ كيف يحصل، عادة؟ بتعبير آخر: ما هي القرصنة؟ هل هذه المرة الأولى التي يحاول أحدهم اختراق موقع «الأخبار»؟ ما هي الأساليب التي يستعملها المشرفون على أي «ويبسايت» لحمايته؟ والأهم: هل يمكن معرفة هوية الجهات التي تقف خلف العملية؟ وهل يمكن مقاضاتها؟ عشرات الأسئلة طرحت نفسها على كثير من القرّاء، بعد ازدهار عمليات القرصنة في أنحاء العالم، وخصوصاً بعد نشر وثائق «ويكيليكس». واللافت أن هذا التمرّد على النظام الإلكتروني لا يقتصر على طرف معيّن. بل إن مناصري جوليان أسانج (مؤسس «ويكيليكس») لم يتردّدوا في مهاجمة المواقع التي «تواطأت» على «روبن هود الإنترنت». كذلك، فالجهات المتضررة من هذه التسريبات شنّت بدورها ردّاً مضاداً. وفي هذا الإطار، تأتي قرصنة موقع «الأخبار» التي أدرجها كثيرون في سياق «حرب عالمية ضدّ «ويكيليكس»». انطلاقاً من هذا الواقع، يبدو تحديد الجهات التي تقف خلف عملية «الهاكينغ» صعبة، وإن كانت أصابع الاتهام موجّهة بنحو أو بآخر، إلى جهات تنطلق من اميركا(ربّما مع تواطؤ نظام عربي معيّن أو جهاز محلّي ما)، وخصوصاً إذا قارنّا بين الوسائل والقدرات المستعملة في ضرب موقع «الأخبار»، وما تعرّضت له مواقع أخرى في الفترة الأخيرة. وبغض النظر عن الجهة المنفّذة وتلك التي أصدرت الأمر، فالأكيد هو أن موقع الصحيفة تعرّض في السنوات الأربع الماضية لمحاولات اختراق عدّة، لكنها لم تكن بخطورة ما حصل الأسبوع الماضي. الهجوم الذي حصل يسمّى «اختراق نظام أسماء النطاقات» أو Domain hijacking. أما تفسيره البسيط فهو الآتي: كل موقع في العالم يملك ما يعرف بـ«عنوان الآي. بي.» IP وهو عنوان رقمي. هكذا، كل مرة نطبع اسم موقع، يتحوّل هذا الاسم إلى العنوان الرقمي، فتفتح أمامنا الصفحة التي نريد مشاهدتها. عملية قرصنة «الأخبار» حوّلت عنوان الموقع www.al-akhbar.com إلى «آي. بي.» آخر، وبالتالي إلى موقع آخر. وفي حالة الاختراق الأخير، كان الموقع البديل هو «سعودي انحراف»، بينما بقيت صفحات الموقع سليمة ولم يتمكّن القراصنة من اختراقها وتعديل محتوياتها. وتزامن «اختراق نظام أسماء النطاقات» مع نوع آخر من القرصنة، يدعى DDOS أو «نظام هجمات الحرمان من الخدمة الموزّعة». هنا، يغرق الـ«هاكرز» الموقع بسيل من البيانات الوهمية، ما يبطئ عمله. مثلاً إن كان الموقع مصمّماً لاستيعاب 1000 زائر في الثانية، يرسل القراصنة بيانات لمئة ألف زائر (ومن أماكن مختلفة في العالم)، وهو ما يفوق قدرة الموقع على الاحتمال فيبطئ عمله، أو يتوقّف نهائياً. وهذا الهجوم الأخير المسمّى «إيدز الإنترنت» بسبب غياب أي حل فعّال له، ازدهر أخيراً مع نشر وثائق «ويكيليكس». وقد نفّذه مناصرو أسانج في اختراق مواقع الشركات المالية الكبرى مثل «ماستر كارد»، ما عطّل عملها لساعات.
اليوم، استعادت «الأخبار» الموقع، وما هي إلا أيام حتى يعود بنظام حماية أفضل. واللافت أنّه رغم توقّف al-akhbar.com عن العمل، إلا أنّ عدد قرّائه بقي مرتفعاً. في الأيام العادية، يصل معدّل متصفّحي الموقع في العالم إلى 70 ألف زائر. أما المدوّنة البديلة التي وفّرتها الصحيفة www.akhbarbeirut.wordpress.com فقد وصل عدد قرائها إلى 40 ألفاً.