بعد أربعة عقود من التعتيم الإعلامي، والعداء للصحافة الغربية، سمح النظام الليبي السابق بدخول وسائل الإعلام «المغرضة» إلى أراضيه. مراسلة صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية دلفين مينوي (الصورة)، دخلت طرابلس في الأشهر الأولى للثروة، نالت فرصة لقاء الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، ومحاورته. وقّعت في الخلاصة ريبورتاجاً مطوّلاً، صدر أخيراً في كتاب بعنوان «تريبوليوود» (غراسيه). على عكس برنار هنري ليفي الذي آثر مواكبة الثورة، بشقها السياسي النّاعم، كانت مينوي تواجه تهديدات السلطة في طرابلس. مع ذلك، استطاعت الاقتراب من بعض الناقمين على حكم القذافي. منهم أنوار، الذي روى لها مجزرة ارتكبتها الشرطة بحشود، تظاهرت احتجاجاً على الرسوم الكاريكاتورية المسيئة إلى الرسول عام 2006. وبغية تجنب ردود الفعل، اشترت حكومة القذافي الذمم، ودفعت دية لكلّ عائلة من عائلات الضحايا تمثلت بسيارة، ومبلغ 50.000 دولار.

الصحافية الحائزة جائزة «ألبير لوندر» (2006)، تغلغلت إلى داخل المجتمع الليبي، مستفيدة من تواصلها الجيد مع بعض النسوة، أمثال نور، صاحبة صالون تصفيف الشعر. تسرد من خلالها تراجيديا مجتمع، يعيش بين ثنائية الخوف والخضوع. على سبيل المثال، كان أهل طرابلس يشاهدون قناة «الجزيرة» أيام الثورة خفية.
لم تلتزم الصحافية الفرنسية الحياد في «تريبوليوود». بدا واضحاً، منذ البداية، نصرتها للثوار وتحاملها على النظام. استفادت من إقامتها في فندق «ريكسوس» المخصص للصّحافيين الأجانب، من أجل التواصل مع بعض المقربين من الزعيم الليبي السابق، أمثال إبراهيم موسى، الذي تشبّهه بمحمد سعيد الصحاف وزير الإعلام العراقي أثناء الغزو عام ٢٠٠٣. تفادى Tripoliwood الأسئلة السياسية الكبرى، وفضل الخوض في جزئيات الحياة البسيطة. قدرة المؤلفة على النفوذ إلى العمق، أسهمت في منح عملها نفساً وحيوية. وتعززت أهمية عملها بعد لقائها المباشر بالقذافي الذي أعلن بكلّ ثقة: «لا معارضة سياسية في ليبيا. كل المسيرات المنظمة مسيرات دعم لي».
حين سقطت طرابلس في يد الثوار (21 آب/ أغسطس) كانت دلفين مينوي في باريس. اتصلت يومها بريما، واحدة من مرافقاتها الليبيات أيام الثورة وقالت: «إنه يوم عظيم! أشعر بأنني أولد من جديد».