كما في دول عربيّة أخرى، تحتلّ الثقافة السينمائية مكانة مقبولة في المجتمع الأردني... وإن كانت تفتقر إلى بنى تحتيّة وشبكات ترويج وتوزيع. الناقد الأردني الراحل حسان أبو غنيمة ذكر في «البحث عن السينما الأردنية» أنّ عام 1929 شهد بناء أول دار للسينما الصامتة «عمّان» التي ظلت تعمل حتى إنشاء سينما «البتراء» عام 1934. ومنذ منتصف القرن الماضي، انتشرت صالات عدة في الأردن حتى بلغ عددها عام 1980 ما يقرب 70 صالة في مختلف المدن الأردنية، ثم تقلصت كثيراً منذ ذلك الوقت. ورغم تنوع عروض الأفلام التي كانت في معظمها تجارية بطبيعة الحال، كانت تقام العديد من العروض والنقاشات الجادة.وشهدت المملكة حدثاً مهمّاً مطلع العقد الماضي، بشكل مواز للحراك السينمائي المستقل، وهو تأسيس «الهيئة الملكية الأردنية للأفلام» عام 2003 بعد توقف «الهيئة الوطنية العليا للإنتاج السينمائي الأردني». الهيئة مؤسسة حكومية مستقلة مالياً وإدارياً، تعنى بترويج ثقافة السينما في الأردن، سواء من خلال إقامة برامج وورشات عن صناعة الأفلام في مراحلها المتعددة، ودعم صناعة الأفلام المحلية مادياً وتقنياً، والترويج للأردن كموقع لتصوير الأفلام العالمية التي يمكنها الاستفادة من المواقع الطبيعية والمساعدات البشرية والتقنية المتوافرة في المملكة. هكذا، تمت الاستفادة من تشابه الطبيعة بين الأردن والعراق لتصوير العديد من الأفلام التي تتناول الاحتلال الأميركي للعراق، من بينها «خزانة الألم» و«الطريق الإيرلندي» و«منقّح» وغيرها من الأفلام الهوليوودية والأوروبية.
أنتجت الهيئة الملكية العديد من الأفلام القصيرة، وبعض الأفلام الطويلة، أبرزها «كابتن أبو رائد» (2008) للمخرج أمين مطالقة. رصدت الهيئة ميزانية ضخمة لهذا الشريط الطويل، وأثيرت ضجة محلية عند تسويقه عالمياً بوصفه أول فيلم أردني، إذ إنّه غيّب المحاولة الأولى التي تتمثّل في «صراع في جرش» (1957).
من جهته، أنجز محمود المساد شريطين وثائقيين بإنتاج هولندي ـــــ أردني مشترك هما «إعادة تدوير» (2007) و«هذه صورتي عندما كنت ميتاً» (2010)، بالإضافة إلى الفيلم الروائي «مدن الترانزيت» لمحمد الحشكي. وهناك مشروع فيلم للمخرج يحيى العبد الله بعنوان «الجمعة الأخيرة». أيضاً، قام المخرج محيي الدين قندور بإنتاج وإخراج فيلمه الروائي «الشراكسة» (2010). إضافة إلى ذلك، أنشئ «معهد البحر الأحمر للفنون السينمائية» في مدينة العقبة عام 2008 بدعم من الهيئة الملكية للأفلام وبالشراكة مع كلية الفنون السينمائية في «جامعة جنوب كاليفورنيا».
وكان هذا المشروع قد تعرّض لانتقادات محلية شرسة بسبب قبول الكلية طلبات من إسرائيل. ويبقى الرهان على تدعيم بنى تحتيّة وإعداد الكوادر والفنيين، والتأسيس لشبكة توزيع واسعة من شأنها ايصال هذا الانتاج إلى الجمهور الكبير.