الله الذي حمى سوريا من أزمات كبيرة مرّت بها، سيحميها هذه المرة. هذا ما يقوله سوريون في نقاشات حادة ومتباينة تجمعهم في المقاهي. من الخارج، تبدو الأمور مختلفة وأكثر إرباكاً. عدد كبير من أبناء الجالية السورية هنا لديهم يقين بأنّه إذا لم تحمل كلمة الرئيس بشار الأسد المنتظرة قرارات جذرية، فستذهب الأمور إلى أمكنة مظلمة. ثمة من يراهن على خلاص ستحمله كلمته.
آخرون يجددون الخوف من تمييع أي قرارات على يد قوى تنفيذية وأمنية أدمنت الالتفاف على القرارات الإصلاحية كما حدث مراراً. لن تعود سوريا إلى الوراء. هذا مؤكد. المطالب التي ستتحقق، دُفع ثمنها غالياً، وصارت مُلزمة.
الخلاص المنتظر يجب ألا يقل عن أحلام داعبت الجميع بحراك شعبي سلمي. الشباب السوريّون هنا حلموا بساحة يفرشون فيها خيمهم، ويشربون الشاي ليلاً، ويتّحدون بكل فئاتهم وطوائفهم تحت مظلة الوطن، ويقدمون صورة حضارية للعالم في شكل التظاهر والتعبير عن الرأي، وصولاً إلى تحقيق مطلبهم في سوريا جديدة وحديثة. ثمة شعور بأنّ هناك من سرق أحلامهم بحراك مدني سلمي لم يجرّبه أحد في حياته. حمد يضحك قائلاً «أحلم أن أنتخب». يجلس سوريون من انتماءات مختلفة في نقاشات تحتدم وتخفت، لكنّها لا تخلو من حسرة على عدم السماح لهم بالظهور كما هم حقيقة: مسالمون حضاريون حداثويّون... لكن كما يقال، الكرة صارت في ملعب النظام، والتغييرات المطلوبة يجب أن تكون حاسمة. يريدونها عملية ونواةً لسوريا جديدة فاعلة في محيطها إعلامياً، وثقافياً، ومدنياً لا فقط سياسياً.
بعض الآراء ترى أنّ الرئيس الأسد محاصر بفريق عمل بطيء ومسترخٍ. وقسم آخر لديه قناعة بأنّ مطلبية الشارع السوري معروفة وواضحة، ولا تتطلب ثورة لتحقيقها... لكن لا مجلس الشعب النائم حاول ممارسة دوره في اقتراح مشاريع قوانين، ولا الحكومة قامت بأدنى خطوة استباقية على أرض الواقع مسترخية إلى الكلام الشعبي الذي يقول «سوريا غير».
سيتسمّر السوريون أمام الشاشات في انتظار كلمة رئيسهم، ولديهم ما يكفي من الأحلام بأن يقفزوا فرحاً كما فعل غيرهم، ويثبتوا للجميع أنّ رهانهم لم يكن ضرباً من أحلام اليقظة. سوريا اليوم بأمسّ الحاجة إلى انقلاب جذري، وحراك حكومي فاعل آت من قدرات شابة على تماسّ مباشر مع الشارع، ولا تتعامل مع فكرة الإصلاح من مبدأ فولكلوري. مجتمع متماسك حرّ، يظهر فيه المندسون كعلامات فارقة... لأنه لا مكان للمندس في مجتمع عادل وحر.