بدأت السعودية تضيق بأصوات أبنائها. البلد الذي أصبح مسيطراً على معظم وسائل الإعلام العربية، ويدير الفضاء الخليجي والعربي موجِّهاً رياح الحراك الشعبي حسب هواه، تحوّل برأي أحدهم إلى «المملكة العربية البوليسية». حدث ذلك بعدما اعتقلت السلطات المحلية، أول من أمس الأربعاء، الكاتب والشاعر عادل اللباد عند إحدى نقاط التفتيش في منطقة القطيف في شرق المملكة.
اللباد الذي دعم الحراك الاحتجاجي في المنطقة الشرقية بقصائده ومقالاته وصفحتيه الخاصتين على تويتر وفايسبوك، كتب بعد وفاة وزير الداخلية السابق الأمير نايف بن عبد العزيز، مقالة بعنوان «لهذا لن أغفر للأمير نايف»، حيث وصف كيف اعتقل وعذِّب عشرات المرات خلال عهد نايف في الداخلية السعودية. خبر الاعتقال سبقه نشر مقالة «شباب القطيف... عفواً، هل قرأتم تجربة اللباد؟» في صحيفة «الاقتصادية»، حيث هاجم الكاتب فهد العيلي الشاعر السعودي في ظهور فاضح للإعلام البوليسي في المملكة. أصبح المواطن يعلم أنّه بعد كل حملة إعلامية تتناول شخصية ثقافية فاعلة، ستلحقها حملة أمنية، يمهّد لها الإعلام البوليسي للدولة الوهابية.
الكاتب السعودي علي الشرياوي كتب على الصفحة التضامنية التي أنشئت على تويتر بعد حادثة الاعتقال، أنّ ما حدث هو «شراكة إعلامية وأمنية باتت واضحة، وكأنهم في ملعب للتنس يتبادلون الأدوار ويكملون بعضهم بعضاً. عادل اللباد ضحية الإعلام الرسمي قبل الأمن»، فيما سأل الإعلامي خالد الناصر: «أي مصادفة أن يعتقل شخص في اليوم نفسه الذي يكتب عنه مقال في جريدة محلية؟!».
إذاً، أضيف شاعر وأديب إلى لائحة معتقلي الرأي في السعودية، فيما لم تكن حملات التضامن الإلكترونية مع عادل اللباد وباقي المثقفين المعتقلين كافيةً لظهور تحرك إعلامي ولو خجول في المملكة. لا بيانات ولا وقفات احتجاجية من مثقفين اشترتهم مملكة الخوف، بالمال والرعب.



«شاعر الثورة»

صار عادل اللباد يعرف بـ«شاعر الثورة» بعدما اشتهر خلال الحراك الشعبي في السعودية. في رصيده المطبوع ديوانا شعر، الأول حمل عنوان: «جمر على جرح»، والثاني «غضب البحر»، بالإضافة إلى المذكرات السياسية «الانقلاب ... بيع الوهم على الذات». في هذا العمل، انتقد اللباد السلطة السياسية والدينية والحزبية بين سنوات 1980 و1993، متحدثاً عن تجربته الحركية في تنظيم «الطلائع الرساليون» وتنقله في التنظيم المسلح بين الجمهورية الإيرانية والهند وسوريا، حتى مصالحة التنظيم مع الحكومة السعودية ورجوع اللباد ورفاقه إلى أرض الوطن.
وكان اللباد قد تعرّض مراراً لمضايقات وضغوط من قبل السلطات السعودية. وقد احتجز سابقاً وخضع للتحقيق.



اعتقالات بالجملة

اعتقال عادل اللباد كان قد سبقه اعتقال الشاعر حبيب المعاتيق في الثاني من نيسان (أبريل) الماضي، بسبب إشراف المعاتيق على إدارة موقع «شبكة الفجر الثقافية» التي غطت أحداث انتفاضة القطيف، إضافة إلى اعتقال الكاتب زكريا صفوان بسبب مقالة كتبها «دفاعاً عن حق التظاهر السلمي». فيما جاء مشهد اعتقال الصحافي حمزة كاشغري (الصورة) في 9 شباط (فبراير) الماضي بتهمة «الإساءة إلى النبي محمد» عبر كتابة تغريدات على تويتر. وقد صاحبت الحالة الأخيرة حملات تكفير قادها رجال الدين في المملكة. أيضاً، اعتُقل رائف بدوي مؤسس «الشبكة الليبرالية السعودية الحرة» في 17 آب (أغسطس) 2012 بتهمة إنشاء موقع إلكتروني «يزدري الذات الإلهية».