إنّه عملها الروائي السادس بعنوان «تيتوس لم يكن يحبّ بيرينيس» (منشورات بي. ال. أو). الكاتبة الفرنسية ناتالي أزولاي (الصورة) التي نشأت في البيئة الباريسية، تغوص هنا في تراجيديا المسرحي جان راسين (1639-1699) «بيرينيس» (1670) برؤيا معاصرة. رائعة راسين ستكون تحت مشرط أزولاي بغية البحث عن سرّ هذه «الثلاثية الجهنمية» بين الزوج وزوجته وعشيقته.
إنّه عملها الروائي السادس بعنوان «تيتوس لم يكن يحبّ بيرينيس» (منشورات بي. ال. أو).

الكاتبة الفرنسية ناتالي أزولاي (الصورة) التي نشأت في البيئة الباريسية، تغوص هنا في تراجيديا المسرحي جان راسين (1639-1699) «بيرينيس» (1670) برؤيا معاصرة.
رائعة راسين ستكون تحت مشرط أزولاي بغية البحث عن سرّ هذه «الثلاثية الجهنمية» بين الزوج وزوجته وعشيقته. تيتوس يحبّ بيرينيس لكن ليس إلى الحدّ الذي يجعله يترك زوجته وأولاده. ينصاع بذلك الى صوت الواقع، دافناً في الوقت عينه مشاعر حبّه. في مسرحية الكاتب، يتلبّس تيتوس حرصه على صورته المثالية، فيتخلّى عن عشيقته وحبيبته ليكون على عرش روما. وفي رواية أزولاي، تحمل الشخصية الرئيسية بيرينيس تجربتها الأليمة بعدما يتركها حبيبها تيتوس، وتحاول تحويل هذا الألم العظيم الى مواساة ولو بقدر صغير، عبر التبحر أكثر في أعمال وسيرة جان راسين. تعود بذلك الى القرن السابع عشر، وتحديداً إلى عهد الملك لويس الرابع عشر، لتتمحص خلفية هذا القدر المحتوم على المرأة وتحملّها دوماً لهذه النتائج المأساوية، بالتجّذر أكثر في شخصية وسيرة كاتبها راسين.تذهب أزولاي بعيداً في أعمال راسين، عبر البطلة التي تحاول التأسي بالبطلة التي تشبهها في القرن السادس عشر، وتردد مقولات راسين المأثورة، مع رؤية معاصرة وحيّة. هكذا تحاول بطلة أزولاي فهم بيرينيس القرن السابع عشر وطرح سؤال إشكاليّ على صانعها: «لماذا خلق راسين هذه الشخصية؟». كما تغوص في قراءة أشهر أعماله الباقية، وفي حياته المهنية المتخبّطة بين التزامه داخل القصر الملكي الذي تربى فيه، وبين توقه للاستقلالية في صناعة مكانة أدبية رفيعة له بين زملائه، خصوصاً موليير وكورناي المنافسين الشديدين له في ذاك الوقت. رواية «تيتوس لم يكن يحب بيرينيس»، تلقت حفاوة لافتة في الصحافة الفرنسية والكتابات النقدية الأدبية. أضاءت صحيفة «لو فيغارو» على تحويل البعد المأساوي في شخصية راسين، الى كوة أمل واست بها بطلة 2015 عبر التبحر في حياة المسرحي الفرنسي الذي لم ينتج سوى 12 مسرحية في مسيرته. أما «لو نوفل أوبسرفاتور»، فأشارت الى «تحرر» كاتبته من تاريخية المسرحية. وقد أضاءت المقالات النقدية الأخرى على تخطيها للبناء السردي الدرامي للقصة وعرض سيرة الكاتب، الى الذهاب نحو الأجواء المعقدة والطعنات المتتالية التي عاصرها وعايشها المسرحي الفرنسي.
نالت الرواية جائزة «غونكور/ خيار الشرق» في نسختها الرابعة هذا العام التي ترعاها «الأكاديمية الفرنسية» العريقة وينظمها «المعهد الفرنسي» في لبنان و«الوكالة الجامعية الفرنكفونية» (مكتب الشرق الأوسط)، بعدما نافست 7 روايات أخرى. بالمختصر، رواية أزولاي التي تعتبر الوحيدة بين الروايات المرشحة لـ «غونكور» التي غرّدت خارج سرب الشرق، تربط الماضي بالحاضر، وتضع رؤية ولغة جديدة لأهم مسرحيات العصر الكلاسيكي الفرنسي. وعبرها تكون أزولاي قد أنهت سادس أعمالها الروائية بعد اشتهارها عام 2002 عبر رواية La Mère Agitée، واتجاهها بعد 13 عاماً نحو السياسة والتاريخ، وتحديداً الى كتابة تاريخ صعود حركة «معاداة السامية» في فرنسا. هكذا، كتبت Les Manifestaions عام 2015 (دار P.O.L). المؤسف هنا أنّ هذه الحركة، استفاد منها كثيراً اللوبي الصهيوني في فرنسا، ليخرس كل صوت معاد للسياسة الاستعمارية والاستيطانية لإسرائيل.