على ارتفاع كيلومترات، أتسامر وحسناء عربية بقربي: أيّ بيكار ملعون استُخدمَ لتكون سايكس- بيكو؟. من عليائنا، لا نرى إلا تضاريس وبحراً، وبعض ما صنع البشر. أتذكر هذا وأنا أسمع مزايدات سلطات البحرين الديكتاتورية وهي تتغنى بـ«وحدة» مزعومة مع السعودية. إنها وحدة سُلطاتٍ سَلطات، لا تحترم شعوبها. كانت كلمة «ديمقراطية» تعتبر مسبةً، أو بحسب الكلمة الرائجة في تلك المنطقة من العالم: حرام.
اليوم، تحسّن الوضع، ولم تعد كلمة الديمقراطية حراماً... الحرامُ في ممارستها فقط! بين الوحدة التي يريدون، والوحدة التي نستحق «ما صنع الحدّاد». بين إرادتينا المختلفتين، ثمة المستعمر الذي خطّط ونفذ سايكس بيكو، وذاته الذي حارب بالطائفية هيئة الاتحاد الوطني، وذاته الذي أقر هذه الحكومات قبل أن يرحل مطمئناً في السبعينيات. بعد ٢٠ عاماً من الفشل في تطبيق حرية التنقل في الكيان الخليجي، وبعد ١٠ أعوام من المراوحة والممازحة من أجل توحيد العملة، لن يكون تمرير الاتحاد بين المشيخات المتنازعة حدودياً، إلا كذبة على هيئة سمجة. رعديدٌ ما في المنامة عاد ليزنّ على سيده في الرياض. وإذ لم تفلح أرتال العسكر في استعادة هيبته التي اهترأت تحت أقدام الجماهير، يظن الرعديد أنّ الاختفاء من المشهد السياسي ملجؤه الأخير لتجنب طقوس الديمقراطية المحرّمة. آلمني مشهد عرضته «بي. بي. سي» قبل أيام. كان حواراً تخيلته مشهداً درامياً ناطقاً حول فكرة الاتحاد البحريني السعودي المزعوم: هذا يقول الخليج فارسي، والآخر يردّ بأنه عربي. يضحك مشاهد أميركي من عائلة «مان»، أي سوبرمان، وفيلتمان، قائلاً: يقصدون الخليج الذي لا يتحرك فيه أحد إلا بأمرنا!
يعود النقاش إلى السعوخليفية. ونحن كما الضيف البحريني خليل المرزوق، لا مجال لرأي لنا بينهم. في الخلفية، يبحّ صوت المتظاهرين: «بحرينية، مدنية، عربية، ديمقراطية». بينما تواصل سلطة البحرين غيابها، ولعل هذا ما تطلبه. لكن، لم أتخيل بعد في أي مشهد ستظهر، قبل إعلان النهاية التي لا شارة بعدها أبداً.