مقاومة الواقع المصري من خلال الفن هي شعار «مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة» D-caf الذي انطلق في القاهرة قبل يومين، ويستمرّ حتى 14 نيسان (أبريل) المقبل. مقاومة تستكمل ثورة «25 يناير» وتحمي مكتسباتها على صعيد دعم حرية التعبير، وتغيير أنماط الوعي بأهمية الفنّ المعاصر في مصر... تلك هواجس المخرج المسرحي أحمد العطار، مدير المهرجان، ومؤسس «استوديو عماد الدين»، أحد أبرز الفضاءات الثقافية المستقلّة في مصر المعنيّة بالتدريب المسرحي.
يطمح المهرجان إلى استعادة مكانة القاهرة عاصمة للفنّ، كما يرغب في أن يجعل من المحروسة محطةً ضمن منظومة المهرجانات المماثلة التي تقام في هذا الوقت من كلّ عام في مدن عربيّة أخرى، مثل الشارقة، ودبي، وبيروت. سينضمّ D -caf إلى «مهرجان الربيع» الذي تنظّمه «مؤسسة المورد الثقافي»، ليشكّل إضافة نوعيّة إلى الفعاليات المعنية بفتح الفنون المعاصرة على الجمهور العريض، وكسر عزلته. سيفتح «مهرجان وسط البلد» الباب أمام مختلف توجهات الفنّ المعاصر، من الموسيقى، إلى العروض الأدائية، والمسرح، والرقص، والفنون البصرية. في ميدان الموسيقى التجريبية، سيقدّم المصري حسن خان عرضه الموسيقي «مصادر موثوق بها». كذلك يشارك فتحي سلامة ومجموعة شرقيات بعرض «سلطاني». ومن هولندا يشارك ذي إكس The EX، ومن لبنان الـ«دي جاي» جايد في أمسية بعنوان «ذا ميديل بيست».
على برنامج المسرح، يقدّم المخرج المسرحي البريطاني آنت هامبتون عرضين للمرة الأولى على خشبة عربيّة، هما «غورو غورو» و«أوكيه أوكيه». العرضان التفاعليان سيقدمان مرّة كل ساعة، ويشارك في كلّ واحد منهما خمسة متفرجين فقط، ليقوموا هم بأداء العرض بأنفسهم. ويقدّم المسرحي اللبناني عصام بو خالد عرضه «بنفسج»، ويحمل الكويتي سليمان البسام مسرحيته «ودار الفلك» إلى برنامج «وسط البلد». على برنامج العروض أيضاً أعمال رقص معاصر منها العرض الأول لـ«نحن لسنا من الفضاء الخارجي» من تصميم محمد شفيق، وريتا فيلهيناه وتوماس بروكش (مصر/ هولندا). وفي ميدان الفنون البصريّة، تعرض أعمال فيديو متنوّعة، وأفلام، إلى جانب معرض «أنا مش هنا» الذي يتواصل طيلة أيام المهرجان.
لا ينكر العطار أنّ المهرجان يأتي في توقيت سياسي صعب. ولا ينكر أنّه جاء ليكمل ما بدأه مهرجان «نطاق» الذي بدأ قبل عقد كامل وكان معنياً بالفن المعاصر، لكنّّه تعثّر لأسباب غير معلومة. ما يطمح إليه المهرجان الجديد، هو التحول إلى مؤسسة معنيّة بالفن المعاصر قائمة بذاتها قادرة على تمويل نفسها. يراهن العطار في المهرجان على قيمة المنتج الثقافي/ الفني الذي يقدمه، وعلى إعادة إحيائه للعديد من الفضاءات المهملة. ستقام العروض في أماكن بقيت مقفلة سنوات طويلة، منها قاعة سينما «راديو» العتيقة (شارع طلعت حرب)، إضافةً إلى عروض في أماكن مفتوحة في شارع البوصة، وفندق «الفينواز» و«تاون هاوس» وغيرها من الفضاءات.
بدأ منظّمو المهرجان بالعمل على إطلاقه قبل اندلاع ثورة «25 يناير»، لكنّ الثورة بدلت خططهم، غير أنّهم بقوا مصرين على تقديم العروض في محيط «الدوان تاون»، رغم التوتر الأمني المحيط بتلك المنطقة حالياً، وانتشار السواتر والحواجز فيها. «ليست لدينا مخاوف»، يقول أحمد العطار، «سنقاوم مخطط حرماننا من وسط البلد».

«مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة»: حتى 14 نيسان (أبريل) المقبل http://d-caf.org




أزمة التمويل

يحظى «مهرجان وسط البلد للفنون المعاصرة» برعاية «شركة الاسماعيلية للتمويل العقاري»، وهي الشركة التي تولت شراء عدد من عقارات وسط القاهرة. كذلك نال رعاية مراكز ثقافية أجنبية، وبعض مؤسسات المجتمع المدني، ووزارة الثقافة. مع ذلك، ما زال المهرجان يعاني من العجز. يؤكد أحمد العطار أن الدعم الذي ناله كان غير مشروط. عملية البرمجة والاختيار تمت بمعزل عن التمويل، وخضعت لشروط فنية بالكامل. لكنّ العطار يؤكّد بعد تجربته في إقناع الشركات الخاصة بتمويل المهرجان أنّ «رؤوس الأموال الخاصة في مصر تفتقر إلى رؤية ثقافية، وهو أمر ينسحب على الحالة العربية إجمالاً».