علينا أن نعترف للست لارا فابيان بفضل واحد على الأقلّ، هو تسليط الضوء على واقعنا الموزّع بين عبثيّة وفجور. فنّانة من رموز الأغنية الفرنسيّة الاستهلاكيّة، باتت ضحيّةً من ضحايا حريّة التعبير في لبنان. المغنية الساذجة التي يمثّل فنّها تهديداً للذوق العام (لكن تلك مسألة أخرى)، لا تفهم ما هي خطيئتها كي تستحق كل هذه العدائيّة. لم تفعل لارا الطيّبة سوى التعاطف مع إسرائيل، والتضامن مع حملة صهيونيّة في «حلقة بن غوريون» أو سواها، فأين المشكلة؟ ممنوع التعبير عن الرأي في هذا الوطن الصغير والجميل، المحاصر بالظلام؟ إذا أضفنا إلى ما سبق وزير سياحة «على الحياد»، ووزير ثقافة لم يقل له أحد ماذا يجري، وامبريزاريو قلبه على «السياحة في لبنان»، وإعلام يردّد كالببغاء «حريّة، حريّة، حريّة»، وسياسي فذّ، مثقّف وذوّاقة، خائف على «رسالة لبنان»... تجتمع عناصر مسرحيّة فودفيل رديئة لا يمكن عرضها إلا في بيروت! «الإرهاب الثقافي» منع المغنية البلجيكيّة ـ الكنديّة من المجيء، عنونت «النهار» أمس، من دون أن يرفّ لها جفن. «الإرهاب» هنا، هو التحرّك السلمي الديموقراطي المشروع الذي بادرت إليه «حملة مقاطعة داعمي إسرائيل». بلال شعيب مدير المسارح في «كازينو لبنان»، صرّح بأنّها «ليست الطريقة المثلى للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني»، لكنّه (لحسن الحظّ) لم يعطنا وصفته السحريّة. وكانت النهاية التراجيكوميديّة: «لن نأتي لأسباب أمنيّة» قالت شركة فابيان لموقع CNN العربي، ولمّحت: «تلقينا تهديدات»! «حمامة السلام» كادت تأتي إلى بلد نصف أهله (على الأقلّ) من الأباشو وأكلة لحوم البشر. الله ستر! أما محبّو الحياة والبزنس والانفتاح والسياحة، فيبقى لهم عزاء. نكاية بالجميع ستغنّي لارا live يوم «عيد العشّاق»، احزروا على أيّة محطّة لبنانيّة! تلك التي استعارت أحد مراسليها من القناة الأولى للتلفزيون الإسرائيلي. تصبح لارا فابيان، والحالة هذه، من أنصار المقاومة!