الذين عاصروا بداياته سيستعيدون جرأة الشدراوي على تناول النصوص الأدبية، ومهارته في تحويل ذلك إلى فرجة بصرية وأدائية، ووضع ذلك داخل رؤية أخلاقية وسياسية واجتماعية. انتماؤه الماركسي، ودراسته المسرحية في موسكو، لم يمنعاه من اختبار فرضيات وتيارات مسرحية أخرى، أما الأهم فهو أنه كان مؤلفاً ثانياً للعروض التي اشتغل عليها. أحياناً كان التأليف يتطلب توليفاً وصياغة لنصوص وقصائد متعددة كما في باكورة عروضه «أعرب ما يلي» (1969)، وأحياناً كان لعباً ذكياً على طموحات مؤلفي تلك النصوص، وتكسيراً لها كما فعل في «موسم الهجرة إلى الشمال» للطيب صالح، و«الأمير الأحمر» لمارون عبود، و«يوميات مجنون» لغوغول. كان الشدرواي يؤلف سرديات بصرية للخشبة، واللافت في ذلك أن كان قادراً على مزج «الأدبية» بحساسيات ومذاقات حديثة وشعبية وملحمية وكوميدية إلى حدّ أن المخرج جلال خوري قال له يوماً إنه يستطيع تحويل كتاب النحو والصرف أو دليل الهاتف إلى عمل مسرحي. خوري الذي يشارك في الندوة إلى جانب غازي قهوجي ورفيق علي أحمد، لا يُخفي ألمه على صديقه الراحل، وعلى الظروف التي أبعدته عن المسرح في سنواته الأخيرة. «سنتحدث عن الرؤيا النضالية في أعماله، عن صداقته وصدقه مع المسرح والحياة والناس»، يقول في اتصالنا به. هي ندوة من الطبيعي أن يختلط فيها الشخصي بهموم المسرح والذكريات، مع مشاركة غازي قهوجي مهندس الديكور والسينوغرافيا الذي اشتغل مع الراحل في عروض عدة، ومع حضور الممثل رفيق علي أحمد الذي اختاره الشدراوي لدورٍ مهم في مسرحية «ميخائيل نعيمة» (1978) حين كان في سنته الأولى في معهد الفنون، بينما سيُكمل فائق حميصي الدائرة بإدارته للندوة كمسرحي عاصر تجربة شيخ المخرجين العرب الذي غيّبه الموت في أيار (مايو) الماضي. إنها تحية لـ «المسرح الذي ينتصر دائماً على الموت»، كما قال الشدراوي يوماً.
يمكنكم متابعة حسين بن حمزة عبر تويتر | @hbinhamza
تكريم يعقوب الشدراوي: 18:00 مساء اليوم ــ «المجلس الثقافي للبنان الجنوبي» (نزلة برج أبي حيدر، خلف محطة توتال). للاستعلام: 01/815519