الجزائر | قدم المسرح الوطني لتيزي وزو في العاصمة الجزائرية أخيراً مسرحية «يامنة» من إخراج الممثلة صونيا بعدما اقتبسها الكاتب الجزائري بوزيان بن عاشور عن مسرحية «يارما» (صحراء ــ 1934) للشاعر الإسباني لوركا. الأخير كان قد وصف نصّه مرةً بأنّه «قصيدة تراجيدية».
تدور الأحداث حول «يامنة» التي تعيش وسط القبائل الكبرى في عائلة زوجها المتمثلة في أختيه ويحيط بها جيران القرية الذين يلتقون عندما يقصدون البئر القريبة لغسل الملابس. الزوجة المطيعة تقوم بكل أعباء المنزل، وفي المقابل يهملها زوجها «فردي» الذي يصب اهتمامه ويومياته على حقوله المجاورة، واسطبل الماشية.
ديكور ثابت يظهر بعض المنازل الحجرية المتراصة وبيتاً كبيراً يفصل بينهما جسر صغير. البيت الكبير يدل بوضوح على أنّ أهله ميسورون. هو بيت «يامنة» القبائلية الحرّة التي ستنتفض على حالها وعلى روتينها اليومي ومعاناتها في الإنجاب، لكن انتفاضتها تقابل باللامبالاة من زوجها المشغول بزيادة ثروته.
أحلام «يامنة» كانت تصطدم دائماً بواقع مرير لحياة بائسة زادت من مرارتها تصرفات شقيقتا زوجها تجاهها.
أدّت نصيرة بن يوسف المقاطع الغنائية بالقبائلية
يتخلل المسرحية غناء «أشويق»، أشعار بالقبائلية تغنيها النسوة في البيت عندما يقمن بأشغال البيت أو لأطفالهن، أو عندما يذهبن لجلب الماء. نبرات الشجن في صوت يامنة كافية كي تنقل بصدق عال ما تعانيه المرأة من كبت وحرمان واضطهاد. «يامنة» اليائسة تقرر أخيراً التردد على إحدى المعالجات في القرية المجاورة وهي «الطاوس» التي تقنعها بأنّ زوجها عقيم، وما أمامها إلا الخيانة لتنجب ولداً، إلا أنّها ترفض رفضاً قاطعاً.
في نسق تصاعدي للأحداث، يغصّ بيت الطاوس بنسوة قصدنها لتغيير حياتهن التي بدت واحدة من خلال حركات كوريغرافية (تصميم محمد نعمان) بعثت رسالات كثيرة عن رفض وكبت وحرمان ورغبة في التغيير. تتشابه الأسماء بين يارما ويامنة رغم اختلاف الأزمنة والأمكنة. قصة واحدة لكل النساء اللواتي يشتركن في المعاناة نفسها، ويعشن تحت وطأة مجتمع سمته الخبث يحاصرهن بالعادات والتقاليد والقوانين و”العفة”. نصيرة بن يوسف التي أدت دور يامنة وفقت إلى حد كبير في تأدية المقاطع الغنائية بالقبائلية (أشويق) كما وفقت الموسيقى التصويرية (جعفر آيت منقلات) في التعبير عن العمل.