
لوحات حداد ذات مقاسات كبيرة، حادّة الألوان، متماثلة يجمعها أسلوب واحد. التشكيلات متوازنة، متداخلة ومتنافرة في الوقت نفسه. وبقدر ما تتغنّى بالجمال الطبيعيّ، لا تتردّد في إبراز قسوة الطبيعة والجبال المهيبة. تقول: «أعود إلى أصل الأرض وأتساءل عن مادتها وتشكّلها وألوانها. أسعى خلف جمال المنظر الطبيعيّ الصخريّ وأشكاله التي لا تنتهي». لوحاتها ضدّ صالونيّة (anti -salon)، غير صالحة للتزيين نظراً إلى وحشيّة وقسوة تطبعانها. هي نداء لصون الطبيعة وإدانة للجنون البشريّ الذي يدمّرها. لا زهرة، لا وردة، بل طبيعة معرّاة من خضارها، غارقة في ألوانها الداكنة، حتى على عكس تعبيريّة فان غوغ، التي لم تَخْلُ من الألوان الفرحة رغم سوادها (الداخلي) وتشاؤمها!
تأثرت تمارا حداد عميقاً بفنّي العمارة والفوتوغرافيا
تمارا حداد مواليد بيروت عام 1982، خرّيجة «الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة» (ألبا) في اختصاص الإعلان. عصاميّة في مجال الرسم، تدرّبت عليه خلال عملها في مجال الإعلان الذي تركته لتنصرف إلى اللوحة. تأثرت عميقاً بفنّي العمارة والفوتوغرافيا، كونها ابنة رائد العمارة الحديثة في لبنان جورج حداد. قامت برحلات عديدة إلى بلدان بعيدة حيث التقطت صوراً فوتوغرافية كي تحوّلها إلى أعمال تشكيلية، وجالت في معظم المناطق اللبنانية، وبخاصة في الجبال العالية، للغاية نفسها.
الفسحة الثانية في المعرض المشترك ذي التيمة الواحدة مخصّصة لأعمال المجريّ زيلارد هوزانك (1980) التي تتأرجح بين الانطباع والتجريد. على عكس شريكته في المعرض، الطبيعة هنا زاهية الألوان، نابضة بالحياة. جداول وشلالات وغابات (بعضها تعرّض للقطع البشريّ) في متتاليات زيتيّة كثيفة إنّما عذبة، رائقة وشفّافة. ثمة الكثير لديه من الطبيعة البكر التي لم تمتدّ إليها يد الإنسان، بعيدة عن العالم الحضري. الألوان المبهجة تشيع مناخاً مختلفاً مريحاً للعين والنفس، تنطوي على دهشة حيال المنظر الطبيعي، وعلى جمالية مريحة. رأينا الكثير مثلها في كل المراحل والعصور والمذاهب التشكيلية. مع ذلك، هي تحمل بصمة خاصة تجمع التجريديّ إلى التزيينيّ. في أعماله خيال ويوتوبيا، زيت على قماش وكثافة ألوان للمنظر الساحر الذي يشبه الحدائق المسحورة.
«الخيال والواقع»: حتى 9 حزيران (يونيو) المقبل ـــ «غاليري تانيت» (مار مخايل ــ بيروت) ــ للاستعلام: 01/562812