شهدت الأيام الماضية رحيل عدد من وجوه المشهد السينمائي، هم المخرج هارون فاروقي (1944)، والممثل الأميركي الياباني جيمس شايغيتا (1929)، والماكيير الأميركي ديك سميث (1922). كان 30 تموز (يوليو) آخر يوم في حياة هارون فاروقي. المخرج والكاتب والناقد وفنان الفيديو رحل عن أكثر من 90 فيلماً، يندرج معظمها تحت نوع التسجيلي التجريبي القصير.
اندمج فاروقي في المجتمع الألماني رغم أصوله الهنديّة قبل أن ينتقل إلى كاليفورنيا في التسعينيات محاضراً في «جامعة باركلي»، ومنظّراً في الثقافة البصرية وكاراكتير الصورة وتأويلاتها وطرق أرشفتها وأثر الميديا في المجتمعات والأيديولوجيا. تحدّث عن قسوة الحروب والقمع، وانتقد الهيمنة الرأسمالية، ملمّحاً إلى نظريات ماركسية واضحة كما في «عمال يغادرون المصنع بعد 11 عقداً» (2006). بحث طويلاً في سياق الصورة وإحالاتها. تأثّر بأفلام غودار السياسيّة، وراقب بإعجاب عمل الفرنسي جان ماري ستراوب والفرنسية الراحلة دانييل هوليت، وخصوصاً فيلمهما المشترك عن زوجة باخ آنا عام 1968. أبدى إعجابه أيضاً بعمل الألماني مايكل كلير في «العملاق» (1983) وطوّر نمطه التسجيلي الخاص.

تأثّر هارون فاروقي بأفلام
غودار السياسية
في الفيلموغرافيا الخاصة به، نجد عناوين بارزة. شريطه الساخر «كلمات الرئيس» (1968) عرض شخصاً يمزّق صفحة من كتاب ماو تسي تونغ ليطلقها صاروخاً ورقياً على شاه إيران وزوجته خلال العشاء. وفي «نار متعذّر إطفاؤها» (1969) تحدّث عن قنابل النابالم التي ألقتها أميركا في فيتنام. في فلك الحرب أيضاً، قدّم «صور من العالم ونقش الحرب» (1988) الذي درس فيه أرشيفاً حربياً متنوّعاً من ضمنه صور جويّة لمعتقل أوشفيتز، إضافةً إلى «الحرب عن بعد» (2003) عن اشتراك الدول المتقدّمة والفقيرة في مفهوم الحرب واختلافها في الإمكانات، وسلسلة «ألعاب خطيرة» (2009 – 2010). في السينما الروائية، شارك تلميذه كريستيان بيزولد في كتابة معظم أفلامه كما في «أشباح» (2005) و«باربرا» (2012). اقتراح بنيوي سردي وبحث روائي في سيكولوجيا القمع والانعزال، من خلال شخوص غارقة في عوالمها النفسيّة والفانتازية.
على الجانب الآخر من المحيط، رحل الممثل والمغني جيمس شايغيتا عن 85 عاماً. كان أوّل من كسر القواعد الهوليودية، مؤدّياً أدوار بطولة حين لمع نجمه في الخمسينيات. أفلام مثل Bridge to the Sun (1961) لإيتين بيرير، والميوزكال الشهير Flower Drum Song (1961) لهنري كوستر علامات فارقة في مسيرة توّجها بـ«غولدن غلوب» أكثر وجه واعد عام 1960. لاحقاً، تفاوت عمله حسب المزاج الشعبي المتعلّق بالتيمات الآسيوية في هوليوود. دوره لا يُنسى في الجزء الأول من سلسلة الأكشن الشهيرةDie Hard.
صنّاع «العرّاب» يغادرون تباعاً. بعد مدير التصوير والإضاءة غوردون ويليس قبل أشهر، فارق الحياة الماكيير ديك سميث. هو «الأب الروحي» للماكياج الذي حوّل مارلون براندو إلى دون كوروليوني في «العرّاب» (1972) لكوبولا، وصنع من روبرت دي نيرو ترافيس بيكل في «سائق التاكسي» (1976) لمارتن سكورسيزي. كان مخترعاً ومطوّراً في تقنيات الماكياج، ونال أوسكار أفضل ماكياج عن «أماديوس» (1984) وآخر تكريمياً عام 2012.