لم يتوقّف الاهتمام بسيرة الزعيم الحبيب بورقيبة (2000ــــ 1903)أوّل رئيس للجمهورية التونسية (1987 ــــ 1956) منذ سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي (2011ـــــ 1987)، وآخر الكتب التي صدرت عن حكمه كتاب للشاعر عبد العزيز قاسم الذي عرف الزعيم عن قرب عند إدارته «مؤسسة الإذاعة والتلفزة» التونسية في ثمانينيات القرن الماضي وآخر أيام «المجاهد الأكبر» كما يلقّبه الإعلام الرسمي. «بورقيبة المستمع الأكبر» هو عنوان الكتاب الجديد لقاسم الذي كان من أبرز «رجال» الزعيم الحبيب بورقيبة، خصوصاً بين السبعينيات والثمانينيات.يستحضر قاسم مسيرته في إدارة الإذاعة وعلاقته بالزعيم وبعض المواقف والطرائف التي جمعته به، كما يستعرض عدداً من المحطات في تاريخ وتعامل الإذاعة معها مثل «أحداث الخبز» و«عدوان حمام الشط» وذكرى تأسيس التلفزة وكواليس الحكم وصراعات الخلافة ودور وسيلة بورقيبة وسعيدة ساسي في الإطاحة بمحمد مزالي رئيس الوزراء في ثمانينيات القرن الماضي واجتياح بيروت ونجاة ياسر عرفات من محاولة الاغتيال التي نفذها الطيران الصهيوني على مقر القيادة الفلسطينية في ضاحية حمام الشط جنوب العاصمة التونسية في تشرين الأول (أكتوبر) 1985 وزيارة معمر القذافي بعد العدوان على مدينة قفصة. تحدّث قاسم أيضاً عن علاقة بورقيبة بالأدب وبرنامج هواة الأدب والشعر الشعبي والبرامج الدينية في الإذاعة.
الكتاب رحلة في زمن بورقيبة من وجهة نظر أحد الفاعلين فيه يعيد الاعتبار للمجاهد الأكبر.
ويقول قاسم عن علاقة الرئيس بالإذاعة ««المستمع الأكبر» تسمية نحتناها على قياس عبارة المجاهد الأكبر وعلى مقاسها والتسمية موضوعية بالنظر إلى استماع الرئيس إلى الإذاعة طوال ما يقارب الست ساعات يومياً واستماعه لا يقتصر على مجرد التلقي بل هو متفاعل مع كل ما يقع تحت سمعه من بث».
ويضيف متحدّثاً عن بورقيبة «وله في الأحاديث والبرامج السياسية والاجتماعية والأدبية والفنية والترفيهية رأي وتوجيهات يفضي بها إلى المدير العام للإذاعة والتلفزة من خلال اتصالات هاتفية ومقابلات في القصر الرئاسي متواترة معلنة وغير معلنة». الكتاب كتبه عبد العزيز قاسم بذاكرة حية وتحاليل عميقة لما وراء الأحداث تضيء جوانب مهمة من شخصية الزعيم ورائد تحرير المرأة وصاحب مجلة الأحوال الشخصية التي غيّرت المجتمع التونسي.
أمام حملات الشيطنة التي يتعرّض لها الزعيم الحبيب بورقيبة من الاسلاميين والقوميين، يصدر هذا الكتاب (دار سيراس ــ تونس) ليعيد الاعتبار لباني تونس الحديثة الذي يستعيده اليوم التونسيون أو جزء كبير منهم كـ «أب» بعد عشر سنوات من حكم الاسلاميين الذين قادوا البلاد إلى الخراب.