ذُكر النبيذ قبل أكثر من ٨٠٠٠ سنة في الحضارات القديمة منها بلاد الفرس وأرمينيا وذُكر للمرة الأولى في ملحمة جلجامش في بلاد الشام، ولعب دوراً في الاديان، خصوصاً اليهودية والمسيحية. ما زال النبيذ يُعتبر مشروباً للنخبة على الرغم من انتشاره وانتاجه بكميات وفيرة، نظراً إلى أنّه يحتاج الى ذوق مرهف لفك كل الغازه، فمذاقه غني بأكثر من ٩٠٠ جزئية مع نكهات لا يزال ١٠٪؜ منها غير معروف وغير قابل للتفسير.تطورت صناعة النبيذ مثلها مثل غيرها من الصناعات وتشكل اليوم مجالاً صناعياً مهماً وفُتحت الابواب للمرأة كي تلعب دوراً في هذه الصناعة. أصبحت تنافس الرجل، فـ ٥٠٪؜ من صانعي النبيذ في العالم اليوم هن من السيدات. تقول ديانا سلامة صانعة النبيذ في Château Bellevue في بلدة بحمدون في جبل لبنان إنّ المرأة برعت في صناعة النبيذ لأسباب عدة؛ منها الدقة في العمل والخبرة في النكهات والمذاقات، يساعدها في ذلك أنّها ربة منزل في الأساس. يبقى الأهمّ قدرتها في التحكّم جيداً بالتركيبات التي تولّفها وهي في خضم عملها.
خمس سنوات قضتها سلامة في دراسة صناعة النبيذ، هي الآتية من الكروم، نشأت في الطبيعة وكانت تلازم جدها وتأخذ له زوّادته كل يوم.
تقرأ ديانا سلامة العنب وتحاول أن تُظهر المخفي فيه بالعلم وبشيء من الروحانية. إنّها أكثر من مهنة تقول لنا،ـ مضيفة: «إنّه شغف. ساعات طويلة من العمل يقضيها صانع النبيذ وحيداً أكان في الكرم أو في المصنع وفي ظروف مناخية صعبة أحياناً». وعندما تسألها كيف تصنع نبيذها، تجيب بأنّه «ليس هناك من معجزات. الفضل يعود في الاساس الى نوع العنب والتربة. أنا اتخيل النبيذ ثم ابدأ بتنفيذه. طعم العنب يوحي لي كيف سأعمل وكيف سأدوزن المنتج من دون أخطاء أو ثغرات. أحاول أن استخرج من العنب إمكانياته الى أقصى حد».
لبنان، هو البلد ذو المناخات المتعددة حيث تتربى الكرمة في ظروف مناخية متنوعة تجعل من النبيذ قصيدةً يختلف إلقاؤها من منطقة الى أخرى. في لبنان واحدة من صانعي النبيذ، تصنع النبيذ بكثير من الحب و المعرفة. فالمرأة التي تهدي صغارها ذلك «الأبيض» ليكبروا، هي نفسها التي تستطيع أن تصنع ذلك «الأحمر» الذي يحرر الاحاسيس ويحثّ على الخيال وربما على الابداع. من المؤكّد أنّ العالم بحاجة إلى أنوثة أكثر.