عاد «ليبان جاز» ومشاريعه التي تقدّم نفساً مختلفاً وضرورياً للمشهد الموسيقي في بيروت مع سلسلة من الحفلات. بعد حفلتين في آذار (مارس) وتشرين الأول (أكتوبر)، استعاد المنظّمون الثقة في إمكانية مواصلة الحفلات ودعوة فنانين من الخارج. في هذا الإطار، يستضيف «ليبان جاز» مجدداً «رباعي إريك تروفاز» في حفلة تُقام مساء غد يستعيد فيها ألحان أفلام فرنسية محبوبة. من الهند إلى أميركا اللاتينية والشرق الأوسط حيث استوحى مقطوعته المعروفة «بعلبك»، لطالما جال عازف الترومبيت والمؤلف إريك تروفاز (1960) العالم بحثاً عن أصوات وأنماط جديدة لموسيقاه. اكتشف الجاز عبر ألبوم Kind of Blue لمايلز دايفيس الذي كثيراً ما يُشبّه به. في أواخر تسعينيات القرن المنصرم، أسس فرقته الرباعية التي ضمّت آنذاك مارتشيلو جيولياني (بايس) ومارك إربيتا (درامز) وباتريك مولر (كيبورد) وسجّل معها ألبوم Out of a Dream الذي تبعه عدد كبير من الألبومات في مسيرته الغنية. في إحدى المقابلات، أكّد تروفاز أنه لا يكف عن التطور كموسيقي، مستنداً إلى الجاز والبوب ليأتي بموسيقى متجددة دائماً، غير مكترث بأن يحدد نفسه في إطار معيّن، بل مستوحياً من الأمور التي يحبّها.
بالعودة إلى حفلة الغد، يؤكد لنا المنظّم كريم غطاس أن الأمور عادت كالسابق بعد الحفلتين السابقتين الناجحتين: «شعرنا أننا نعطي نفساً للناس. وقررنا أن نستمر في المقاومة في هذا البلد، من دون أن نتنازل عن جودة عملنا. ما زلنا نجد الحلول لكل الصعوبات التي تواجهنا. ولا يزال لدينا مكان هنا وما يحمّسنا أكثر هو الجمهور والفنانون الذي لا يزالون يرغبون في المجيء إلى لبنان».
لن تكون حفلة تروفاز الأولى في لبنان، فالموسيقي الفرنسي صديق لبنان وغطاس منذ 18 سنة: «يسافر كثيراً ويتعاون مع فنانين مختلفين لمشاريعه، وفي كل مرة نستضيفه في بيروت. هذه المرة، يأتي مع الرباعي الأساسي الذي انطلق به لتقديم مشروع جديد سيصدره قريباً في ألبوم. إضافة إلى المقطوعات التي صنعت شهرته، يستعيد عازف الترومبيت ألحاناً من أفلام فرنسية كلاسيكية ومعروفة جداً على غرار «أمور الحياة» وAscenseur pour l›échafaud وغيرهما، موقّعة من مؤلفين مثل مايلز دايفس وسيرج غينسبور».
على الرغم من الأزمة التي ما زالت تعصف بالبلد وتطال الحياة الثقافية والفنية، ما زال لدى هؤلاء الفنانين الرغبة في المجيء إلى بيروت وتقديم العروض والتفاعل مع الجمهور الذي بات بحاجة إلى مثل هذه الأنشطة أكثر من أي وقت مضى. بدوره، يعلّق غطاس قائلاً: «يعرفون قصّتنا تماماً والأزمة التي نمرّ بها وهم مستعدّون للمجيء. إريك تروفاز أبدى الكثير من الكرم هذه المرة، وأعرب عن رغبته في دعوة موسيقيين لبنانيين. لذا ستحلّ على الحفلة ضيفة ستصنع مفاجأة كبيرة. سيؤلّفان معاً أغنيتين. الفكرة من إقامة حفلات مماثلة هي التفاعل مع الناس. لطالما كان هذا مهماً بالنسبة إلينا. وقد عرّفنا في السابق الكثير من الفنانين على بعض. مددنا الجسور بين الموسيقيين اللبنانيين وهؤلاء الذين يأتون من الخارج». لا ننس أن طبيعة موسيقى الجاز مفتوحة، تتيح للموسيقي أن يذهب حيثما يشاء. كما أن التفاعل الموسيقي أسهل وأكثر سلاسة.
يختتم «ليبان جاز» إذاً أنشطته لهذا العام مع إريك تروفاز، لكن العمل بدأ منذ الآن على برمجة حفلات 2023. بالنسبة إلى غطاس، «لا نملك خياراً آخر غير الاستمرار والتخطيط للمستقبل. ما زال جمهورنا السابق يأتي وينتظر هذه الحفلات، وفي الوقت عينه هناك جمهور جديد بحاجة ماسة إلى هذه الحفلات».

* «رباعي إريك تروفاز»: س:20:00 مساء غدٍ الأربعاء ــــ «ميوزكهول» (ستاركو ـ بيروت) ـــ الحجز في مكتبات «أنطوان»