أعلنت المديرية العامة للآثار في لبنان و«معهد غيتي لحفظ التراث» (GCI) و«المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية» (ICCROM)، اختتام الدورة التدريبية التي امتدت لفترة أربعة أسابيع في صيدا (جنوب لبنان)، والتي أقيمت تحت عنوان «الدورة التدريبية الميدانية لموزايكون للحفاظ على الفسيفساء الأثري في المخازن» بين 10 تشرين الأول (أكتوبر) و4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022.وفي هذه المناسبة، أقيم احتفال ختامي يوم الجمعة الماضي بعد اكتمال التدريب في إحدى الدورات التدريبية النهائية لـ «موزايكون»، وهي مبادرة مستمرة منذ 14 عاماً. فمنذ عام 2008، ساهمت المبادرة في تدريب أكثر من 200 فرد في مجال حفظ الفسيفساء من بلدان جنوب وشرق حوض البحر الأبيض المتوسط.
وفي بداية الاحتفال، ناقش فريق العمل نتائج الاختبار الذي جرى بموجبه تقييم المتدربين ومدى اكتسابهم للمهارات العملية والمبادئ النظرية لحفظ الفسيفساء في المخازن. ثم قدّمت منسقة برنامج «موزايكون»، عائشة بن عابد، محاضرة عن تاريخ الفسيفساء في حوض البحر الأبيض المتوسط، وشرح أهميتها وأنواعها وأشكالها.
على خطٍ موازٍ، صرّح المدير العام للآثار في لبنان، المهندس سركيس الخوري، بأنّه «كان من دواعي سرور المديرية تنظيم هذا التدريب بالتعاون مع شركائها، ولا سيما بعد التحديات الهائلة التي واجهتها المديرية خلال العامين الماضيين. لقد دفعتنا حالة الصون المتردية للفسيفساء في مخزن صيدا إلى وضع منهجيات معالجة بسيطة وغير مكلفة ومستدامة لتخزينها على المدى الطويل وفقاً لاحتياجات لبنان».
تتضمّن التهديدات التي يتعرّض لها الحفاظ على الفسيفساء أعمال البناء الجديدة والنهب ونقص المهنيين المدربين لإدارة احتياجات الحفظ المستمرة. جمعت الدورة ثمانية موظفين في المديرية العامة للآثار واثنين من الموظفين الحكوميين في الأردن لتعزيز قدرة السلطات في هذين البلدين على الحفاظ على تراثهما الفسيفسائي.
تعلّم المتدرّبون من خلال التجربة العملية منهجية توثيق وحفظ الفسيفساء المرفوعة باستخدام ملاط الجير لتثبيتها وإعادة تركيبها مرة أخرى، جنباً إلى جنب مع أساليب وقائية تناسب تخزينها على المدى الطويل.
وحول هذا الموضوع، قال كبير أخصائيي المشروع في «معهد غيتي لحفظ التراث»، توماس روبي: «كان شرفاً لي أن أعقد هذه الدورة في لبنان، وهي واحدة من أولى الدول التي بدأنا فيها مبادرة موزايكون في الأصل. نحن واثقون بأن المشاركين في الدورة التدريبية سيستفيدون من المعرفة والخبرة العملية المكتسبة خلال العمل التدريبي الميداني لمواصلة حماية التراث الأثري المعرض للخطر في المنطقة لسنوات قادمة، بالإضافة إلى توجيه المتخصصين في الحفاظ على الفسيفساء في المستقبل لمواصلة هذا العمل المهم».
أجريت تمارين عملية مع المشاركين باستخدام أمثلة تضمّ مجموعة كبيرة من الفسيفساء مرفوعة من وسط بيروت ومخزنة في صيدا من دون أي دعم منذ عام 1998. بعد تقييم الأوضاع السيئة لقطعة فسيفساء واحدة، نُفّذت تدابير عاجلة لتوفير دعامات الملاط وإزالة السطوح الخارجية المتدهورة المستخدمة في رفعها قبل عقود. وانتهت عمليات المتدربين الخاضعة للإشراف بنقل القطعة إلى نموذج أولي لوحدة رفوف تخزين معدنية للحفاظ على بقائها لفترة طويلة. ومن خلال المهارات والمعرفة المكتسبة من هذه التجربة، يمكن أن تبدأ أخيراً المهمة التي سوف تستغرق سنوات عدة للحفاظ على المجموعة الكاملة من فسيفساء بيروت القديمة ضمن مرفق التخزين المصمم لهذا الغرض بعد 25 عاماً.