ضمن سلسلة الندوات التراثية الجوّالة الثلاثية الأصوات التي يحييها دوريّاً الشاعر هنري زغيب، مدير «مركز التراث اللبناني» في «الجامعة اللبنانية الأميركية»، ورئيس كرسي الأونيسكو في «جامعة القديس يوسف» البروفسور أنطوان مسرّة، ورئيس جمعية «تراثُنا بيروت» سهيل منيمنة، كان الموعد هذا الأسبوع في فندق «نيو سنترال» في ضهور الشوير، بحضور جمهور عريض.رأى زغيب الذي أدار الندوة أنّ لبنان عبارة عن «ثلاث طبقات كيانية. الطبقة العليا: لبنان الوطن وهو رحيب التاريخ والحضارة والفنون والآداب لا يتوقَّف عند زمن أَو حقبة بل يظل مواصلاً حضوره الإِبداعي، ولبنان الدولة التي هي هيئة معنوية ذات مراكز دستورية وقانونية تظل رهناً بمن يملأُ وظائفها، ولبنان السلطة وهو مجموع السياسيين والإِداريين الذين يتولَّون قيادة أَجهزة الدولة، فإِذا كانوا صالحين صَلُحَت بهم وازدهَرَت، وإِذا كانوا فاسدين فَسُدَت بهم وسقَطت إِلى دولة فاشلة».
أما مسرّة، فقال إنّه لا يكفي «حفْظ التراث والاحتفاظ به، بل الأهم معرفة نقله إِلى الأجيال الجديدة»، معتبراً أنّ «تاريخ لبنان لا يُدَوِّنه المؤَرخون بل يكتبه اللبنانيون المواطنون إِذ يجمعون ما لديهم من وثائق عائلية قديمة من كل نوع، لتوثيقها وعرضها كي تكون صفحة من الزمن اللبناني الطويل، حتى إِذا تعدَّدت هذه الصفحات شكّلت حضوراً للبنان عبر حقبات الزمن». وشدّد مسرّة على «ضرورة إِنشاء متاحف بلدية في كل بلدة حتى يكون المتحف ذاكرة جامعة تلك الكنوز التراثية والوثائقية».
نشاط جمعية «تراثنا بيروت» عرضه رئيسها سهيل منيمنة، فشرح ما قامت به حتى اليوم: «أَفلام وثائقية حديثة، وأخرى قديمة نادرة، ومنشورات مطبوعة، وجمْع تشكيليّ للوحات فنية عن مدينة بيروت منذ القرن الماضي، وعملها بعد انفجار مرفأ بيروت في الأحياء التراثية التي هُشِّمت، فضلاً عن تكريس «اليوم الوطنيّ لتراث بيروت» في 26 تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام».
وفي الختام، أعلن مدير الجمعية عن موقع تراثي في ضهور الشوير هو ناحية «المنيبيع»، حيث البيت القديم الذي كان الأخوان عاصي ومنصور الرحباني في مطلع صباهُما يمضيان فيه فصل الصيف، ويساعدان والدهما حنا الذي أنشأ قبالة البيت مقهى شعبيّاً اشتُهر باسم «قهوة المنيبيع».