تَوجّت لجنة تحكيم جائزة «بوكر» العربية الروائي الليبي محمد النعاس بجائزتها عن أول أعماله الروائية «خبز على طاولة الخال ميلاد» (رشم للنشر والتوزيع) ليلفت الانتباه لتجربة واعدة في الرواية الليبية. «الأخبار» التقت النعّاس في هذا الحوار القصير
* كيف تقبّلت تتويجك بـ «بوكر» عن أوّل رواية لك ؟
ـــ التتويج بـ «الجائزة العالمية للرواية العربية» هو أمر عظيم لا يمكن للمرء أن يفصح عن مشاعره تجاهه إلا بعد مرور زمن عليه، ولكن شعور واحد سيطر عليْ وهو الفخر بأنّ دخول اسم ليبيا في سجل الجائزة العالمية للرواية العربية كان عن طريق أحد أعمالي، فبلادي تحتاج جرعة من الفرح والأمل.

* «بوكر» لفتت الانتباه لليبيا، ما هي ملامح التجربة السردية في ليبيا بعد عشر سنوات من التحوّل السياسي؟
ــ هناك في ليبيا تجارب جديدة تعمل على تخطّي التجارب السردية التي سبقتها من ناحية الأسلوب واللغة وحتى المواضيع المطروحة، أنا أنتمي إلى جيل من الكاتبات والكتّاب الشباب الذين يعملون على مواجهة تاريخهم الاجتماعي والسياسي بجرأة أكثر من ذي قبل، وربما هذه الثيمة الأساسية في جيلنا، الجرأة والقدرة على التحرر من أغلال السلطات الاجتماعية والسياسية والفكرية.

* هل تعتقد أنّ الرواية أصبحت بيان الثقافة العربية الاول في السنوات الأخيرة؟
ــ الجميل في الفن الروائي أنّه يجمع الفنون الأدبية، وأحياناً البصرية. إذ ينصهر فيه الشعر والقصة، ولهذا من الطبيعي أن تتحول مع الزمن إلى «ديوان العرب». لكن هناك فنون أخرى أحياناً لا تؤخذ في الحسبان عند الحديث عن «ديوان العرب» الحديث، كالشعر الشعبي. بلد مثل ليبيا، يعد الشعر الشعبي فيه، والذي يكون في العادة شفوياً، هو ديوان البلد، لأنّ الثقافة الليبية حتى هذا اليوم ما زالت تعيش حالات الشد بين الثقافة الشفوية المهيمنة عند عموم الشعب والثقافة المكتوبة الرسمية.

* تتويجك كان عبر داري نشر تونسيتين، لماذا اخترت النشر في تونس ؟
ـــ للدقة، فدار «مسكيلياني» وصاحبها الناشر العظيم شوقي العنيزي، وإن كانت تونسية الروح وتونسية الفريق، فهي رسمياً دار إماراتية، أما «دار رشم»، فهي سعودية لها فرع في تونس.
أما عن سؤالك، بداية أنا لم أختر النشر في «مسكيلياني» – رغم حبي العميق للخالة تونس ولما تمثله لنا نحن الشعب الليبي- لأنّها تونسية بل اخترت النشر فيها؛ لأنّها دار محترفة تعمل بجد على إخراج العمل الأدبي بأفضل صورة ممكنة، العزيز شوقي العنيزي محرر لا شبيه له في عالمنا العربي هذا اليوم.

* ترجمة روايتك الى الانكليزية ستفتح لك باباً ونوافذ على العالم، هل تفكر في الاستقرار في أوروبا كما فعل كثيرون من الكتّاب العرب؟
ــ هذا أمر ليس أوان الحديث عنه، ولكنني أفضّل العيش في حوض البحر المتوسط، لأنّه وطني الأصلي، لا فرق لديّ بين العيش في ليبيا أو تونس أو إيطاليا أو حتى تركيا، ما دمت أستطيع التحدث بلغة أهل البلد، لأنني أعرف أنني أطلّ على بحرنا كما يقول عنه الرومان.

* ابراهيم الكوني هو أشهر الروائيين الليبيين وأكثرهم ترجمة، ماذا يمثّل لك؟
ـــ إبراهيم الكوني هو المعلّم الذي لا يعلم أنّه علمني، لا يمكن لسؤال سريع أو حتى مقابلة خاطفة أن تشرح ما يمثله لي ولأبناء وطني، أنا أحبه كأب، رغم أنني لم ألتقِ به أبداً، ولكنني أعرف الكوني من أعماله، فقد زرع فيّ حب الأدب الليبي.