ديوان ميشلين مبارك «أنا بيروت» (صادر حديثاً عن «منتدى شاعر الكورة الخضراء عبد الله شحادة الثقافي»)، وفاءً لبيروت وأهلها، وبرهان على أنّ الشعر هنا حيّ يُرزق. هي المدينة تسكنها وهي أُفقها وحروفها وخبزها الصباحي وعطر حبيبها. أمّا في قصائدها الغزلية، فهي تحجّ إلى مقهى الحمرا حيث فضاءات لا تنتهي وسنابل قمح تجمع الروح، وسير في أقبية خوف. ترعبها عقارب الساعة، فالوقت هاجسها كما نبضات قلبها، لكن يكمن عزاؤها في أنفاس الزهور ونغمات الوادي. مُبحرة ميشلين مبارك في تيّار الحبّ، فلا يُخيفها إلّا حلم الفرح، ولا تبكيها إلّا قصائد الغزل. حبّها جارف، فلا تبوح به إلّا للبنفسج. يذوب عشقها في قعر الانتظار ومن بحر الشوق تجمع دموعَها.

تأبى ميشلين في قصيدتها الخروج من أقبية الحزن، فكأنّها ملزمة بالأشجان، إلا أنها تفلح في تحويل أحزانها إلى ثمار، إذ تعي أنها متجذّرة في تربة الحرّية، في جزيرة عذراء حيث الدنيا أحلام وذكريات، فلا متّسع للعمر سوى حنين القصيدة ووهج الحروف.
وحين تلجأ إلى العاميّة لبوح مكنون نفسها، تطرّز أبياتاً تردّنا إلى معنّى رشيد نخلة: «عَ مفرق طريق/ يا ريت منلتقي/ غلّ فيك/ بحجّة هالشتي/ أنا ويّاك/ وشوق البكي/ من قلب قلبي يختفي/ وما يعود يشتكي/ عَ مفرق طريق/ يا ريت منتلقي».
تكتب ميشلين مبارك بدمع الحنين فتحلّق في غَزَلها، وإن كان لديها رغبة بالسفر فوق خيوط المغيب هرباً من وحدة موجعة. وها هي تعيش مع ظلّها فأرهقَها الانتظار. تمسّكت بأغصان الزيتون، فهي وطنها ولا تهاب السقوط. تكتب لتحيا.
في مقدّمته إلى ديوانها «أنا بيروت»، يرى الشاعر نعيم تلحوق أن قلم هذه الشاعرة لا يستقرّ على هدأة، فهي تقاوم قلقها بفطرة الحياة وحركة الطبيعة بكلمات وحروف وصُوَر.
أمّا ميراي شحادة الحدّاد، فترى في «أنا بيروت» وليمة شعر من حبّ في وطن ظمئ للحبّ. غلاف جميل، إذ رسمَ طوني مسعد لوحة تزيّن «أنا بيروت».
* كاتب فلسطيني