عبر ثلاث شخصيات؛ لويز وهديل وسمير، يكتب الروائي الفلسطيني سليم البيك قصة الاعتياد على مكان غريب، هو أرض اللجوء والشتات، ومحاولات الإبقاء على ذاكرة الوطن الأم والمكان الأول، ويطرح أسئلة حول استمرارية الشعور بالاغتراب، ومتى يمكن للمنفى أن يتوقف عن أن يكون كذلك. في عمله الروائي «عين الديك» الذي يصدر قريباً عن «هاشيت أنطوان/نوفل»، يضع البيك شخصية سمير أمام الورق ليوثق ذاكرة جدته عن نكبة 1948، وقرية ترشيحا، إلى جانب أشخاص غابوا واختفوا وآخرين حضروا.
في الرواية علاقات تنتهي وتبدأ غيرها ثم تتداخل، مركزها سمير الذي كان على علاقة مع هديل قبل أن يهجرها ليكون مع لويز. يلجأ البيك إلى المرأة كمجاز أدبي مألوف يرمز إلى الشرق والغرب، فيضع سمير في متاهة رغبته في الوجود في حياة المرأتين.
على موقعه، يقدم الكاتب العمل بالقول: «نزلت هديل من المترو دون أن تلتفت، كانت اللحظة التي أنهت فيها علاقتَها بسمير الذي يبدأ، مساءً، باستعادة علاقته معها كتابةً، إلى اللحظة رأى فيها التطريز على طرف قميصها فاقترب وزجاجة النبيذ في يده ليحدّثها، ويعود معها إلى بيتها لأوّل مّرة. استعاد العلاقة وقد تماهت لديه ذكرياته بخيالاته».
ويضيف «تتنقل الحكاية بين هديل ولويز التي صاحب هديل عليها، ليصاحبها، لاحقاً، على هديل. ولا تعرف أيٌّ منهما بالأخرى، هديل التي تدير غاليري في باريس، ولويز التي ستعرض لوحاتها هناك. بدأ سمير الكتابة بنيّة تحويل كلام جدّه إلى رواية، ليجد نفسه منغمساً وتائهاً في حياته مع المرأتَين. يحكي عن باريس، عن ألفة الغريب التي يعيشها فيها، كأنّه بذلك يحكي عن نجاة من القرية والمخيم الفلسطينيين. جذبته لويز لأنّها لم تكترث بفلسطينيته. جذبته هديل لأنّها اكترثت. في كلامه عن كل منهما يشي بالأخرى. في كلامه عن المرأتَين يشي بعجز عن استعادة حكاية خروج جدّه، وقد تحوّل إلى لجوء لحقه شتات لحقه تجوال لا ينتهي».
صدر للبيك، المقيم في باريس، خمسة كتب آخرها روايتا «سيناريو» (الأهلية، 2019) و«تذكرتان إلى صفّورية» (الساقي، 2017). كما نشر مجموعة شعرية بعنوان «ليس عليكِ سوى الماء» (راية، 2015)، وأخرى قصصية بعنوان «كرز، أو فاكهة حمراء للتشيزكيك» (الأهلية، 2011).