شارف «مهرجان البستان» على النهاية. الليلة أمسية للفنانة أميمة الخليل والختام يليها بعد غدٍ. الحدث انطلق منتصف شباط (فبراير) الماضي، وتتالت أمسياته الكلاسيكية الغربية والمحاضرات التي أقيمت على هامشه وكذلك الصفوف المحترفة التي أقامها بعض الموسيقيّين الزائرين للموسيقيّين اللبنانيّين. الكلّ كان على الموعد، باستثناء عازفة البيانو الجورجية كاتيا بونياتيشفيلي التي ألغت مشاركتها في المهرجان لأسباب عائلية طارئة. هذا الأسبوع حجزه الفرنسيّون منذ مساء الأحد الماضي، حيث قدّم الثنائي رونو كابوسون (كمان) وغييّوم بولوم (بيانو) أمسية منوّعة لمقتطفات معظمها معروف (لم نحضر الأمسية)، قبل أن يلتحق بمواطنَيه عازف التشيلّو الموهوب فيكتور جوليان_لافريير ليؤدي معهما، مساء الإثنين، عملَين روسيَّين من فئة التريو. الأول هو الثلاثي رقم 1 لرخمانينوف، وهو عمل قصير من حركة واحدة وقيمته الفنية متواضعة نسبةً للثلاثي الوحيد لتشايكوفسكي، الذي تلاه في الأمسية، وهو تحفة في فئته، وقد أدّاه الثلاثي الفرنسي بمستوى عالٍ وواضح حتى لمستمع غير مُلِمّ بهذا الجانب من الموسيقى الكلاسيكية. لكن، يجب التنويه بالكمان والتشيلّو بشكل خاص، إذ تخطّى مستواهما ما قدّمه البيانو خلال الأمسية. التشيلّو بقيَ في بيروت، حيث التقى عازفين لبنانيّين لتقديم النصائح في العزف على هذه الآلة، ثم انفرد، أول من أمس، بريسيتال استضافه «قصر سرسق» في الأشرفية. هكذا سمعنا من جوليان_لافريير المتتالية رقم 5 لباخ، في أداء ممتاز (رغم بعض الضعف لناحية التعبير في مطلع الـ«مقدِّمة») تلتها متتالية أخرى، هذه المرة من القرن العشرين، بعنوان «سيريناد» للألماني هانز فيرنر هنزه. ثم، بعد الاستراحة المتتالية رقم 3 للإنكليزي بنجامين بيرتن، فمتتالية من تأليف عازف التشيلّو كاربار كاسّادو إسبانية النَفَس، وأخيراً، «نشيد/ أغنية الطيور» للأسطورة بابلو كازالس. تفاعل فيكتور مع الجمهور، شارحاً المقطوعات لتسهيل مرور بعضها (الصعب نسبياً) على الأذن، قبل أن يُضيف من خارج البرنامج، بعد سلسلة من المقطوعات الشديدة التعقيد أحياناً، ذروة البساطة والجمال بتوقيع باخ مجدّداً: مقدّمة المتتالية رقم 1. الجمهور انقسم بين من يفضّل هذا العمل أو ذاك، في الباقة المنوّعة بين النَفَس الكلاسيكي وذاك المعاصر… هذا طبيعي، فـ«الدني أذواق» سبحان الله.
معظم الأغنيات من تلحين هاني سبليني

كذلك هو الحال بالنسبة لمن أنِسَ لوجوده في القصر المهيب ومَن «عَبَّق» بين جدرانه… هذا أيضاً طبيعي، فالمجتمع طبقات سبحان ماركس.
الليلة أمسية من خارج سِرب الكلاسيك الغربي، تحييها الفنانة أميمة الخليل، برفقة «الأوركسترا اللبنانية الشرقية» بقيادة أندريه الحاج، ومشاركة هاني سبليني (بيانو)، زوج أميمة والقيّم على مشروعها الفنّي المستقل عن بداياتها مع الفنان مارسيل خليفة. الأمسية بعنوان «رسايل»، نسمع خلالها باقة من الأغنيات التي تغطّي مسيرةً فنية عمرها أكثر من أربعة عقود. معظم الأغنيات من تلحين هاني سبليني (ذكريات الفلّ، يا سيدي، شبّ وصبية، رسايل،...) بالإضافة إلى العناوين التي تحمل توقيع مارسيل خليفة (أحبّك أكثر، عصفور، طرقات وضجيج،...) والقليل من كلاسيكيات الريبرتوار. كذلك، يشارك في هذه الأمسية الراقص بيار جعجع، مع فرقته المؤلّفة من الراقصين الصُمّ، مع الإشارة إلى أنّ جعجع سبق أن شارك في «البستان» بالدورة الخاصة ببيتهوفن (فقد سمعه تدريجاً كما تعلمون)، راقصاً على أنغامٍ لم يسمعْها لا هو ولا مؤلّفها… إلاّ قليلاً!
بعد غدٍ الأحد، يختتم «البستان» دورته بأمسية غنائية أوبرالية بعنوان «أوبرا للسلام»، يشارك فيها ثلاثة مغنّين يرافقهم المدير الفني للمهرجان جيانلوقا مارتشيانو على البيانو، لأداء مقتطفات من أعمال لدونيزيتّي، بيلّيني، بوتشيني وليونكافالّو.

«رسايل»: س:20:00 الليلة ـــ «مهرجان البستان» ـــــ albustanfestival.com