الحديث عن بشّار زرقان يمرّ دائماً على فكرة الطريق الوعر الذي اختاره! في زمن الرداءة، سيتمسّك بنوعه الغنائي الصوفي الرصين، ليبدو كالقابض على الجمر فعلاً! يمضي مصرّاً على تقديم مادة فنية راقية تحظى بالاحترام والتقدير والانتشار في العالم كلّه، من دون عناية كافية من الوسائل الإعلامية المحلية التي تسرف وقتها على أشياء بلا قيمة! في كلّ الأحوال، لن يقدّم أو يؤخر الأمر شيئاً في مشوار من اختار هذا النوع الفني، على اعتبار أنّه لن يكون مهووساً بالشهرة بقدر ما تعنيه القيمة الفنية والسوية وتكريس هوية موسيقية تجعل المستمع يعرف أغنيات زرقان من مطلعها. البؤس الإعلامي المحلّي في التعاطي مع أعمال بشّار لم يمنع من تحقيقها أرقاماً جيدة على السوشال ميديا. أخيراً، أطلق المغني السوري من خلال قناته على يوتيوب ألبومه الغنائي الجديد مستهلّاً إيّاه بأغنية «أن أراكَ» (ألحانه وتوزيعه وكلمات الشاعر هاني نديم). يحتوي الألبوم على ست أغنيات من أشعار أبو نواس والحلاج والسهروردي وابن الفارض وهاني نديم، وهو برعاية «دائرة الثقافة والسياحة في أبو ظبي». ومن المتوقع أن تصدر بقية الأغنيات تباعاً، على أن تُحدّد منافذ البيع لاحقاً. العمل الأوّل يبشّر خيراً طالما أنّه يجعل المتلقي يعيد الاستماع مراراً من دون ملل. الكلمات تمهّد الأرض أمام تسلّل العمل إلى الروح. تميل نحو السهل الممتنع. تنجز ببلاغة صوراً وجدانية وعاطفية. تقتنص حصّتها ببراعة لدى المستمع، وتوقظ لديه الحنين لأيّام خلت عندما كان الحبّ يحتاج جهداً حقيقياً. حقبة تنبعث منها رائحة الحبر ويتسيّد فيها ملمس الورق، وتفاحة آدم التي أهداها جيل الثمانينيات لحبيباتهم. أعاد زرقان كتابة النص بحس مرهف يوازي سلاسته وسهولته وعمق البلاغة المكتوب فيه. أضاف للإيقاع موسيقى غير تلك التي تُعزف، بل بصوته هذه المرّة. العمل الغنائي يشي بأنّ الجمهور ما زال مستعدّاً للاستماع في منأى عن موجة التلّوث السائدة.