تحتضن «مدينة الثقافة الشاذلي القليبي» وسط العاصمة التونسية معرضاً يضم مجموعة من القطع الأثرية التي نهبت من المخازن أو سرقت من المتاحف في الفترة الممتدة بين عامي 2011 و2019. المعرض الذي يستمرّ لغاية 6 آذار (مارس)، ليس الأوّل. فقد سبق لـ «المعهد الوطني للتراث» تنظيم معارض سابقة لكشف الجرائم التي ارتكبت بحقّ الآثار التي لا تمثل ملكاً لتونس فقط، بل للتراث الانساني. وقد تمّ حجز هذه القطع في المعابر الحدودية عندما كان اللصوص من تجار الآثار يحاولون تهريبها خارج البلاد. إلا أن شرطة وحرس الحدود والجمارك تمكّنت من إحباط محاولاتهم وبعضها الآخر كان في قصور أصهار وأقارب الرئيس السابق زين العابدين بن علي وتم استرجاعها منهم. يضم المعرض 374 قطعة اختيرت من جملة 40000 قطعة وهو العدد الاجمالي للقطع الأثرية التي تمّ استرجاعها أو حجزها في إطار عمل «المعهد الوطني للتراث» بين سنتي 2012 و2019. ويكشف العدد الجملي للقطع الأثرية التي نجحت أجهزة الأمن والجمارك في استرجاعها حجم الجريمة التي تعرّضت لها الآثار التونسية بعد سقوط النظام السابق، وهو نفس السيناريو الذي عاشه العراق وليبيا واليمن.

وحسب خبراء المعهد، فإن الهدف الأساسي لهذا المعرض هو توعية الرأي العام بأهمية الجهد المبذول في استعادة هذا الكم من القطع التي كانت ستهرَّب خارج البلاد أو تستعمل في غير أغراضها العلمية والثقافية والدعوة إلى الحفاظ على الآثار بما تمثّله من ذاكرة ثقافية.
وتتفاوت أحجام القطع الأثرية والفترات التاريخية التي تعود إليها ففيها آثار تعود إلى الفينيقيين وتأسيس قرطاج وبعضها يعود إلى العهود العربية الإسلامية من العواصم القديمة لتونس مثل القيروان والمهدية، وبعضها يعد حديثاً نسبياً. إذ يعود إلى الدولتين الحفصية والحسينية. ومن ضمن المحجوزات لوحات تشكيلية نادرة لرسامين أوروبيين عاشوا في تونس في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين تعبّر عن مرحلة الاستشراق وصورة الشرق كما تمثله الرسامون الأوروبيون. الجولة في هذا المعرض هي جولة بين ثنايا التاريخ لاكتشاف بلد ابن خلدون والشابي والطاهر الحداد وبورقيبة وما فعله بها اللصوص.