بدعوة من «مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي» في بيروت، عقد لقاء حواري حول الانسحاب الأميركي من المنطقة والمتغيرات الإقليمية والدولية بحضور حشد من الشخصيات الديبلوماسية والفكرية والسياسية والإعلامية، بمشاركة الباحثين في الشؤون الدولية أحمد ملي والزميل وليد شرارة.بعد تقديم من الصحافي قاسم قصير حول دلالات الانسحاب الأميركي من أفغانستان واحتمال أن ينعكس ذلك على دور أميركا في المنطقة العربية والإسلامية والخيارات المستقبلية للقوى الإقليمية والدولية، أكد شرارة أنّه على الرغم من أنّ الانسحاب الأميركي من أفغانستان تم بطريقة أظهرت سوء تقدير أميركياً، فإنه «جاء بقرار أميركي مسبق في إطار تغيير السياسات الأميركية في العالم واعطاء الأولوية للصراع مع الصين ومواجهة تنامي القوة الصينية في العالم ومن أجل التخفف من تكاليف بعض الأدوار الأميركية العسكرية في العالم». وأضاف أنّ الصراع الأميركي ــ الصيني المتنامي سيفرض على أميركا «تغيير استراتيجياتها في العالم وفي منطقتنا، وهي تشهد مؤشرات سلبية في أدوارها العالمية وقد يؤدي ذلك إلى انسحاب أميركي من المنطقة مستقبلاً، مما يفرض على القوى الإقليمية والدولية دراسة هذه المتغيرات والبحث في كيفية ملء الفراغ الحاصل وقيام نظام إقليمي جديد قادر على مواجهة مختلف التحديات المستقبلية».
بدوره، تحدّث أحمد ملي عن السياسات الأميركية خلال العقود الأخيرة، ولا سيما منذ احتلال أفغانستان والعراق وحتى اليوم على ضوء تغير الأولويات الأميركية. لكنه اعتبر أنّه هناك أولويات عدة تفرض على الأميركيين الاستمرار في الاهتمام بالشرق الأوسط والتواجد في هذه المنطقة بأشكال مختلفة وأنّ «تراجع الدور الأميركي في العالم لا يعني أن تترك أميركا المنطقة من دون إشراف مباشر أو غير مباشر ولذا قد يكون الانسحاب الأميركي من المنطقة مؤجلاً، والبديل هو العمل على إثارة الاضطرابات والفتن والحروب كي تبقى أميركا وحليفتها إسرائيل والقوى المتعاونة معها هي الأقوى في المنطقة».
ومن ثم دار حوار مطوّل شارك فيه الحضور حيث قُدّمت أفكار ومعلومات مختلفة حول طبيعة الدور الأميركي في العالم وفي المنطقة وآفاق المواجهة الصينية ــ الأميركية وانعكاس كل ذلك على أوضاع المنطقة. وفي حين اعتبر بعض المشاركين أن الوجود العسكري الأميركي والامني لا يزال قوياً وفاعلاً في المنطقة، أشار آخرون إلى حصول متغيرات حقيقية دولية وإقليمية تتطلب تقديم رؤية جديدة لمواجهة مختلف التحديات. وكان هناك شبه توافق على ضرورة تعاون شعوب ودول المنطقة لمعالجة مشاكلها في ما بينها وقيام نظام إقليمي جديد لملء اي فراغ قد يحصل أو من أجل منع اميركا من إثارة الحروب والفتن الداخلية.