عن «دار المقدمة» في تونس، صدر كتاب جديد للباحث سامي بن عامر الفنان التشكيلي والعميد الأسبق للمعهد العالي للفنون الجميلة في تونس بعنوان «معجم مصطلحات الفنون البصرية». بذلك، يكون العمل (758صفحة) أكبر معجم متخصص في الفنون البصرية يصدر في تونس وربما في الوطن العربي.يصدر هذا الكتاب ليملأ فراغاً كبيراً في المكتبة العربية التي تفتقر لهذا اللون من الكتب التي تهتم بالفنون التشكيلية والبصرية، وقد استغرق إعداد المعجم وفق ما دوّنه بن عامر في مقدمته ثلاثين عاماً «يمثّل هذا المعجم الموسوعي لمصطلحات الفنون البصرية نتاج عمل تواصل طوال عشريات ثلاث واستمد مادة معارفه ممّا أنجزناه ووثّقناه في مسيرتنا الجامعية».
واهتمّ سامي بن عامر في كتابه بـ «جل الفنون البصرية التي تخاطب حاسّة البصر،من فنون تشكيلية وتصميمية وأخرى معاصرة ذات علاقة بالتكنولوجيا الجديدة كالفوتوغرافيا والفيديو والفنون الرقمية وغيرها». وقد تم تبويب الكتاب حسب حروف الأبجدية العربية وتفسير المصطلحات التشكيلية والمدارس والاتجاهات الفنية حسب الحروف مثل الفن المعاصر والفن المسندي، والمنمنمات، والمفردة التشكيلية، والواقعية والحروفية وغيرها. كما خصص فهرساً للأعلام واهتم بتقديم بعض التجارب العربية مثل التجربة المغربية والعراقية والفلسطينية والخليجية والتجربة التونسية التي كانت بدايتها مع «مدرسة تونس» التي جمعت بين رسّامين أوروبيين مقيمين في تونس وآباء الفن التشكيلي في تونس.
وقال سامي بن عامر في تقديمه عن منهجية التبويب في المعجم «لقد تم تبويب المعجم تبويباً ألفبائياً من الألف إلى الياء، وفق عناوين بلغ عددها 125 عنواناً. كما تمّ إرفاق بعض المقالات بعناوين ثانوية إبان التحرير للمزيد من الوضوح المنهجي». ولم تغب ترجمة المصطلحات إلى اللغة الفرنسية عن المعجم، إذ أرفق العناوين بترجمة في اللغتين الفرنسية والإنكليزية، «ويمكن القول بأنّ «المعجم يحاول أن يقدّم فكرة إجمالية عن تاريخ إشكاليات الفنون البصرية، لكن بطريقة غير كرونولوجية من خلال التمعّن في مصطلحاتها».
واهتم المعجم أيضاً بتجارب بعض الفنانين العالميين مثل جان دوبوفيه (1901ـــــ1985) الذي اهتم بموضوع الصدفة واللامتوقع في مجال الممارسة الفنية وهنري ميشو وبيار سولاج وبول كلي وهنري ماتيس وغيرهم. ولم يغفل المعجم عن هجرة الفنانين وتأثير المكان على التجربة الفنية، ومثال ذلك تجربة الفنانين العراقيين الذين غادروا بلادهم بسبب الحصار ثم الحرب وقد ألقت الغربة بظلالها على تجاربهم الفنية.
هذا المعجم يمكن اعتباره أهم وثيقة تتوافر للباحثين في الفنون التشكيلية والبصرية في تونس. للمرة الأولى، يقدم أكاديمي تونسي على إنجاز معجم بهذا الحجم يوثق للفن التشكيلي ليس في تونس فحسب، بل ايضاً في الوطن العربي مروراً بالتجارب العالمية التي أفاد منها التشكيليون العرب في تطوير تجاربهم وتعميقهاً. جهد يحسب لسامي بن عامر الذي جمع بين الصفة الأكاديمية (خريج السوربون في باريس )والصفة الفنية، فهو من جيل الثمانينيات في الفن التشكيلي في تونس ترأس «اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين» طيلة سنوات.