بعد دورة العام الماضي التي كانت نسخة مصغرة بسبب وباء كوفيد 19 الذي عطّل حركة الطيران في العالم ومنع التجمّعات؛ استعاد «مهرجان أيام قرطاج السينمائية» في دورته الثانية والثلاثين روحه العربية الافريقية التي تأسس من أجلها في سنة 1966من القرن الماضي ومثّل منصة رئيسية لسينما الجنوب التي جسّدت مضامينها روح التحرر الاجتماعي والسياسي ودافعت عن قضايا المرأة والتنمية والعدالة الاجتماعية في العالم العربي وأفريقيا. الدورة التي ستكون بين 30 تشرين الأول (أكتوبر) و6 تشرين الثاني (نوفمبر)، سيفتتحها السينمائي محمد صالح هارون بشريطه الروائي الطويل «روابط مقدسة» الذي أثار الكثير من الجدل في «مهرجان البندقية» في إيطاليا. يطرح الشريط قضية حرية المرأة في المجتمعات الافريقية من خلال قصة أم عزباء تواجه قسوة المجتمع انتصاراً لحريتها وحقّها في الأمومة.
المهرجان الذي يعود بعد غياب، سيشكّل فرصة لعشاق السينما لمتابعة أحدث الانتاجات في العالم التي ستكون موزعة بين 11 قسماً منها المسابقات الرسمية في الأفلام القصيرة والتسجيلية والروائية الطويلة، إلى جانب تكريم السينما الليبية من خلال عرض أفلام ومؤتمرات حول واقع السينما الليبية اليوم. كما ستعتني «أيام قرطاج» بالسينما البلجيكية وسينما العالم والسينما الفرنكفونية.
العدد الجملي للأفلام كما كشف عنه مدير الدورة السينمائي رضا الباهي سيكون 750 فيلماً، منها 18 فيلماً تونسياً طويلاً بين روائي وتسجيلي، و36 فيلماً قصيراً بين روائي وتسجيلي و200 فيلم طويل عربي وافريقي روائي وتسجيلي و550 فيلماً قصيراً بين الروائي والتسجيلي.
تونس ستكون حاضرة من خلال 11فيلماً في المسابقة الرسمية في بابيها التسجيلي والروائي الطويل والقصير وتشارك خمس دولة في المسابقة الرسمية.
ولن تقتصر «أيام قرطاج» على العاصمة فحسب، بل ستتوزع على 24 محافظة لتقدم الأفلام لعشاق الفن السابع في زمن تنحسر فيه المشاريع الثقافية والفرجة لحساب ثقافة الاستهلاك والتسطيح. كما ستقدم الأفلام في السجون في إطار برنامج خاص للمساجين وفي الثكنات العسكرية.
ويمكن اعتبار «أيام قرطاج» التي يديرها هذا العام والعام الماضي السينمائي المخضرم رضا الباهي الذي كشف عن برنامج الدورة الثانية والثلاثين في مؤتمر صحافي عقد أمس في مدينة الثقافة الشاذلي القليبي، قد عادت إلى مدارها العربي والأفريقي كما أكد الباهي.
ففي واقع سياسي واقتصادي صعب، نجحت التظاهرة في الحفاظ على هذا المهرجان الذي يمثل ذاكرة ليس للتونسيين فحسب، بل أيضاً للعرب والأفارقة. فمنه مرت أجمل الافلام العربية والافريقية التي طرحت قضايا التحرر والميز العنصري وقمع الحريات من حركة التحرير الجزائرية إلى القضية الفلسطينية إلى الحرب الاهلية في لبنان إلى التمييز العنصري في جنوب أفريقيا وازمة العلاقة بين الشمال والجنوب.