ما زالت المناضلة النسوية والناشطة الثقافية زينب فرحات تملأ المكان والذاكرة. ذاكرة المثقفين والفنانين والحركة الديمقراطية والنسوية بعد رحيلها في 19أيار (مايو) الماضي. فضاء «التياترو» وسط العاصمة الذي كان أحد إنجازاتها كفضاء للثقافة المستقلة منذ 1986مع رفيق دربها توفيق الجبالي، كان يفترض أن يحيي ذكرى أربعين يوماً على رحيلها يوم 26 حزيران (يونيو) الماضي، لكن الاحتفاء بزينب فرحات تأجّل بسبب وباء كوفيد الذي يحصد أرواح التونسيين.
زينب فرحات التي كانت من أوائل خريجات المعهد العالي للصحافة وعلوم الأخبار؛ انخرطت باكراً في النضال من أجل الحرية وكانت فلسطين دوماً هاجسها. انخرطت في الصحافة باللغة الفرنسية وكانت من مؤسسي «جمعية النساء الديمقراطيات» التي لعبت دوراً أساسياً في الحركة النسوية التقدمية ومقاومة العنف ضد المرأة من عنف مادي وقهر اجتماعي واقتصادي، كما كانت من مؤسسي فضاء «التياترو» كرائد للفضاءات الثقافية المستقلة. كان رحيلها بعد أشهر من مقاومة المرض الخبيث مؤلماً، فهي التي كانت تملأ الفضاء ومحرّك أنشطة التياترو الذي كان في عهد بن علي يحتضن كل اللقاءات المغضوب عليها.
وحتى تبقى زينب في الذاكرة، أصدر «التياترو» كتاباً تذكارياً تضمّن مجموعة من الشهادات افتتحها رفيق دربها المسرحي توفيق الجبالي. وكانت شهادته طافحة بالحميمية بعد رحلة طويلة جمعتهما في الفن والحياة. شهادة الجبالي كانت بعنوان «إلى زينب التي أحببتها دوماً رغم عيوبي… وانتكاسي وذنوبي». من أهم ما جاء فيها «أقول:
المعذرة.. إن ل يكن لي معك دائماً متسع من الحياة وفسحات من الزمن لنتبادل سوياً ما رغبنا فيه أسفاراً وأطواراً.. المعذرة.. إن جانبت لحظات هواجسك ولم أبادلك دائماً الدعم الذي منحتني اياه، بلطفك واصرارك وضحتك من القلب (...)
رغبتِ أن اسجل بصوت مسرحية «السد» لمحمود المسعدي، وسأفعل.. وأنجز المسرحية العزيزة لديك «لماذا قتل برينجي؟؟» لناظم حكمت، وسأفعل..
بصددالانتهاء من انجاز مسرحية «على هواك» وما كنت لاقوم بذلك لولا تحريضك
وإيانك بأن لا يزال متسع من الأمل في هذا البلد..
سأقرأ كتبك المتناثرة في كل ركن من البيت..
ومتابعة حلقاتك المفضلة لـ Hercule Poirot إلى Te ment».
كما كتب الدكتور وحيد السعفي شهادة مؤثرة عن النضال الثقافي والحقوقي لزينب فرحات بعنوان «شؤون صغيرة تدلّ عليك».