في كل عام، ومع حلول ذكرى العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006، تتّجه الأنظار نحو قناة «المنار»، على اعتبار أنّها الشاشة الوحيدة التي تملك أرشيف العمليات التي نفّذها المقاومون وأدّت إلى تحقيق انتصار لا يزال وقعه قائماً إلى اليوم. هكذا، تكشف «قناة المقاومة» عن تفاصيل الحرب عبر ريبورتاجات حصرية ومقابلات تُعرض للمرّة الأولى. كما تفرج عن فيديوات حصرية من قلب المعارك، مظهرةً المواجهات التي دارت بين المقاومين وجنون الاحتلال على مدار 33 يوماً. وبعد مرور 15 عاماً، بدأت «المنار» برمجتها الخاصة بالمناسبة بفيديو حصري افتتحت فيه نشرة أخبارها مساء الاثنين الماضي، وتضمّن مشاهد حصرية من الإعلام الحربي حول عملية أسر الجنديين الإسرائيليين في خلّة وردة (جنوبي لبنان)، ضمن عملية «الوعد الصادق» يوم 12 تموز (يوليو) 2006. مشاهد لفتت المتابعين وتوقّف عندها الإعلام العبري. في قسم الأخبار في «المنار»، خلية نشاط، يتمثّل عملها في استحضار فيديوات من الحرب وإعداد تقارير وريبورتاجات من وحي المناسبة. تمّ توزيع فريق العمل على ملفات الحرب، لتخرج النشرة متكاملة مع باقي البرمجة. في هذا السياق، يلفت مدير نشرة الأخبار في «المنار» علي حايك، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أنّ الشاشة افتتحت برمجة الذكرى الـ 15 ضمن نشرة الأخبار بالمشاهد الخاصة من عملية «الوعد الصادق» التي تُغني عن الكثير من الكلام. ويتابع: «كما في كل عام، نستحضر الذكرى عبر اليوميات والقصص المتعلّقة بالحرب، وهي قصص غنية ولا تنضب. لدينا باقة من الحكايات من بينها روايات عن المواطنين الصامدين التي يرويها مراسلونا ويستذكرون أماكن ومحطات من الحرب». ويوضح حايك أنّ «الهدف من الاحتفال بالذكرى هو تجديد الوعي عند الناس. من هذا المنطلق، بدأت البرمجة بتقارير ضمن نشرة الأخبار، وستسمرّ لغاية شهر آب (أغسطس) المقبل. تقارير يومية، منها ما هو مخصّص ليوميات حرب تموز 2006، لأرشفة ذاكرة الحرب يوماً بيوم، إضافة إلى مادة من الصحافة العبرية التي تتذكر الحرب أيضاً، وبروموهات يومية تستحضر تلك الأيام. وهناك أيضاً محطات ورسائل مباشرة من قلب المعارك، ومن ضمنها مداخلات مع مراسلين عايشوا الحرب، على رأسهم علي شعيب». هكذا، يختصر حايك نشاط قسم الأخبار الذي يُعتبر الركيزة الأساسية لاستعادة مشاهد الحرب. لكن في المقابل ينشط العاملون في «المنار» على مختلف الجبهات لتقديم برمجة توثّق الذاكرة وتكشف للأجيال الجديدة عن أحداث الحرب التي هزمت «الجيش الذي لا يُقهر».
تتضمن البرمجة مجموعة من الوثائقيات والأفلام التي ستُعرض تباعاً، من بينها: فيلم درامي لبناني بعنوان «حرب 33 يوم»، تدور أحداثه خلال عدوان تموز في بلدة عيتا الشعب، مسلّطاً الضوء على المقاومين وجوانب اجتماعية عدة. وهناك كذلك «الخيبة» حول أسر الجنديين الإسرائيليين، و«جنرالات الهزيمة» الذي يحكي صراع القادة العسكريين الإسرائيليين خلال العدوان، وأدّى إلى الإطاحة بقسم كبير منهم. أمّا وثائقي «شعب عظيم»، فيحتوي على مقابلات مع سكان جنوب لبنان الذين صمدوا خلال العدوان.
«حرب 33 يوم» هو أيضاً اسم سلسلة وثائقية تلقي الضوء على يوميات الحرب وتشمل مشاهد للإنزال الإسرائيلي في مدينة بعلبك، وكذلك أسطورة الميركافا التي تدّمرت. على خطٍّ موازٍ، يغوص وثائقي «أمير الميادين» في حياة قائد عملية الأسر الشهيد خالد بزي، مظهراً تفاصيل ما جرى في عملية العيشية (قضاء جزين) حتى جسر الدمشقية (قضاء مرجعيون).
تتابع «المنار» وثائقياتها بـ «أخاً لكم»، وهو يحكي عن ظروف رافقت رسالة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله إلى المجاهدين وتداعياتها في أوساطهم، في الوقت الذي يتطرّق «وادي العيون» إلى كمين نصبه المقاومون لوحدة من سلاح الهندسة في الجيش الإسرائيلي. على الضفة نفسها، يطلّ الإعلامي المصري عمرو ناصف في برنامج «تحية الانتصار» الذي يتلقّى فيه اتصالات المشاهدين الذين يروون ذكرياتهم مع الحرب. كما يُعرض برنامج «قطاف تموز»، وهو عبارة عن قصص وشهود وأشخاص عاشوا وتأثّروا بالعدوان على لبنان.
لن تكتفي «المنار» بهذا القدر من البرمجة، إذ تحضّر منار صبّاغ لحلقات خاصة من برنامجها «بانوراما اليوم»، اختارت لها اسم «بانوراما النصر». للعام الرابع على التوالي، تقدّم الإعلامية اللبنانية حلقات خاصة من البرنامج. «العام الماضي، كانت شهادة المعاون السياسي للأمين العام لـ «حزب الله» حسين الخليل بمثابة أرشيف توثيقي عن الحرب يمكن العودة إليه في كل مكان وزمان»، تقول صبّاغ لـ «الأخبار». أما عن تحضيرات حلقات «بانوراما النصر» التي تنطلق غداً الجمعة (س: 20:30)، فتوضح منار أنّ المقابلات هذا العام ستكون عبارة عن أربع حلقات متتالية تُعرض مساء كل جمعة. الحلقتان الأولى والثانية (غداً وفي 23 تموز)، مع رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» هاشم صفي الدين، على أن يكشف فيهما تفاصيل تُروى للمرة الأولى. وتتضمن الحلقة الثالثة مقابلة مع مسؤول «وحدة الارتباط والتّنسيق» في «حزب الله» وفيق صفا، إذ سيتركّز الحديث على «عملية الرضوان». أما الحلقة الرابعة، فيمكن القول إنّها «استراتيجية وتحاكي التطوّر الحاصل في قدرات المقاومة بدءاً من حرب تموز 2006 وصولاً إلى انتصار الفلسطينيين أخيراً في معركة «سيف القدس»...». وتختم صباغ كلامها بتأكيد أنّ هذه الحلقات هي بمثابة «إنعاش الذاكرة للأجيال ليتعرّفوا إلى المجازر التي أقدم عليها الصهاينة والإنجاز التي حققه المقاومون». إذاً، في جعبة «المنار» برمجة غنية خاصة بذكرى حرب تموز، ستعيد المشاهدين 15 عاماً إلى الوراء، مستحضرةً ظروفها وتفاصيلها وتداعياتها التي لا تزال عالقة في الذاكرة.