يأتي كتاب «بعيون النساء – شؤون اللبنانيات وقضاياهنّ» (مؤسّسة دار الجديد) لعزّة شرارة بيضون، ضمن السياق الزمني الراهن الذي شهدت فيها الانتفاضة الأخيرة في لبنان، وقبلها تظاهرات سنة 2015، حضوراً نسويّاً لافتاً، رفع شعارات قضايا أساسية. غير أن ذلك لم يمنع الباحثة والأكاديمية اللبنانية من التنبّه لـ «وجهين متناظرين مع نمطي النساء في الحراكات». مقابل إبراز خطاب نسائي متصاعد اللهجة، في مناهضة العنف ضدّ المرأة، هناك «إقرار بشيوع خطاب قوى مجتمعيّة يفصح عنه رجال الدين، خاصّة، ويتصرّف بموجب أحكامه الرجال عامّة»، وهو خطاب يبعث على طمأنة هذه القوى إلى رسوخ سلطانها على النساء. لا يبتعد " target="_blank">الكتاب الذي صدرإلكترونياً وورقيّاً أخيراً، عن هذه التساؤلات واللحظات السياسية والاجتماعيّة الراهنة. وفيه تواصل بيضون بحثها وكتابتها في شؤون النساء وقضاياهن بعيون نسويّة. ويضمّ المؤلّف الجديد، مجموعة من المقالات نشرت بين عامي 2016 و2020، وأخرى مستوحاة من مقالات ودراسات سابقة تتراوح حول مواضيع معنيّة بقضايا النساء وطرائق الأبحاث في الدراسات النسائية، ومقارباتها بالإضافة إلى وجهات النظر الدينية والمدنية في هذا الإطار، وأصوات الضحايا والمعنّفين، وأشكال النضال النسوي بين أجيال مختلفة من النسويات. ضمن ثلاثة أجزاء، تتوزّع المقالات المنشورة على محاور مختلفة. تحت عنوان «النساء وقضاياهن: في الأسرة وأمام القضاء»، يضمّ القسم الأوّلمقالات حول قضايا العنف ضدّ النساء والتمييز حيالهن، من منظوري الرجال والنساء، أي من وجهتي المعنّفين والضحايا. كما تعرضها من منظوري القضاءين المدني والديني، ومن منظوري القُضاة والقاضيات على السواء. من جهة ثانية، ينصرف القسم الثاني «الدراسات النسويّة: كيف يبحثون؟ كيف يتحاورون؟»إلى أبحاث المنظّمات النسوية غير الحكوميّة بوصفها موقعاً رئيسياً لإنتاج البحوث في حقل الدراسات النسائيّة. تتوقّف مقالات هذا القسم على المقاربات المعتمدة في هذه البحوث، توغل في هذه الأطر المتّبعة، ثمّ وقع هذه الأبحاث على النساء والرجال من المعنيين بها، كما تحاول أن تبحث في الرأي الشائع الذي يحسم بأنه ليست هناك أبحاث في حقل الدراسات الجندريّة. أما القسم «شؤون اللبنانيات وقضياهن» فيتمحور حول أربعة مفاهيم أساسية في هذا السياق: عيش الأمومة، صحّة النساء النفسيّة، عمل المرأة المنزلي، والمساواة الجندريّة في الدستور. تقوم الباحثة ودكتورة علم النفس بتفكيك هذه المفاهيم في سياقها الثقافي اللبناني، كمحاولة لتأمّل بعض المقولات الشائعة المستخدمة في الخطاب العام. وضمن السياق السياسي، والنضالي النسوي الراهن، تقدّم بيضون شهادات ومقابلات مختلفة في ملحق الكتاب «خاصّ» لا يخلو من «العام»، ترصد فيها العلاقة ما بين الموجة الثالثة من النسويات (الحالية)، والموجة الثانية التي تضمّ نسويّات ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. في هذا الفصل تفرد بيضون المجال لمقابلات وشهادات وكلمات أجريت معها في مناسبات مختلفة، تتوقّف فيها عند العمل النضالي النسوي وأشكاله قبيل الحرب وخلالها وبعدهامستحضرة أطر نضالية مختلفة، واتحادات مثل «اتحاد النساء الفلسطينيات»، و«لجنة حقوق المرأة» في الحزب الشيوعي اللبناني، و«اللجنة النسائية» في منظمة العمل الشيوعي.