استقبل الوسط الأدبي في تونس بكثير من الارتياح اختيار الروائي وكاتب السيناريو والمترجم الأسعد بن حسين لإدارة بيت الرواية (مؤسسة تابعة لوزارة الثقافة) خلفاً لكمال الرياحي. وبن حسين كاتب ومترجم جاء من الهامش الثقافي، إذ أمضى سنوات طويلة في الشارع يعيش ممّا يكتبه، بخاصة للسينما. ويعد اختيار وزارة الثقافة له قطعاً للتقاليد المعتمدة في التعيينات الرسمية. في هذا الحوار، يتحدّث مدير «بيت الرواية» الجديد عن مشاريع البيت والعلاقة مع الروائيين العرب

* كيف وجدت هذه المؤسسة؟
يجب أن أوضح أنّ الهياكل الادارية لا تتوقف على الأشخاص. فلقد وجدت فريقاً متحمساً للعمل، مثلما وجدت برامج تنتظر التنفيذ، ولا يمكن أن أنكر قيمة الجهد المبذول من الادارة السابقة لترسيخ دعائم بيت الرواية ادارياً وابداعياً. أي أنني لن أنطلق من الصفر بل سأبني على الايجابيات وأدعمها وسأحاول تلافي السلبيات، خاصة في مجال التواصل مع المبدعين والهياكل الممثلة للكتاب والجمعيات الناشطة في المجال الأدبي.

* ما هي أبرز ملامح البرنامج المستقبلي؟
أول خطوة سأقدم عليها هي محاولة استرجاع رصيد الثقة بين الروائيين والمبدعين مع بيت الرواية. سأسعى الى بعث هيئة استشارية للبيت تتكون من رموز روائية ونقدية جادة تتولى اقتراح برامج البيت وضيوفه. كما سأحافظ على حفلات توقيع الكتب، والندوات المحلية حول الرواية التونسية الى جانب الندوة الدولية السنوية. ما سأسعى لاضافته في هذا المجال هو الجانب التوثيقي لهذه الأنشطة. ذلك أنّ كل ندوة ستترافق مع كتاب خاص بها (يكون جاهزاً يوم اقامة الندوة)، الى جانب نشر مجلة فصلية تغطي مختلف أنشطة البيت وتفتح الآفاق على واقع الرواية في الوطن العربي والعالم. سأسعى الى إقامة جملة من الورشات (بعضها كان مبرمجاً، ولم ينفذ وبعضها جديد) تتعلق بآليات كتابة الرواية ونقدها وترجمتها وتحويلها الدرامي (إلى المسرح والسينما). ولا يمكن أن يوجد بيت رواية لا يمنح جوائز سنوية في هذا الفن الابداعي. جوائز اقترحت ثلاثة أصناف منها هي: جائزة سنوية تكريمية لرمز روائي تونسي عن مجمل أعماله، جائزة رواية السنة، وجائزة أفضل مخطوط رواية أولى. هذه الجوائز سترصد الروايات الصادرة من شهر كانون الثاني (يناير) الى شهر كانون الأول (ديسمبر) من كل سنة ويقع الاعلان عن الجوائز في شهر شباط (فبراير)من كل سنة.

* هل سيكون هنالك برنامج للنشر ؟
أعتقد أن أهم وثيقة تبقى للتاريخ هي الكتاب. لذلك سنسعى الى نشر ثلاثة أو اربعة كتب سنوية، يتعلق بعضها بشهادات بعض الروائيين عن تجاربهم، والبعض الآخر سيجمع الدراسات النقدية عن الرواية التونسية والعربية. كما سنسعى الى نشر أنطولوجيا الرواية التونسية نستكمل فيها الجهود السابقة لبعض الكتاب الذين أصدروا انطولوجيات عن الرواية التونسية لكنها لم تتجاوز حدود الثمانينات. كما سنسعى الى نشر أعمال استفتاء افضل مئة رواية في تاريخ تونس، استفتاء سنسعى أن يشمل ألف مشارك (كتاب ونقاد وصحافيين ثقافيين وقراء) ويكون جاهزاً سنة 2022. كما سبق وذكرت سيسعى البيت الى نشر مجلة فصلية تعنى بالرواية.

* هل ستكون هناك استضافة لروائيين عرب
الرواية في تونس جزء من الرواية العربية. لذلك من الضروري أن تتقاطع تجارب كتابة الرواية في تونس مع الرواية في البلدان العربية الأخرى، وسبق لبيت الرواية أن دعا روائيين عرباً ولن نفرط في هذا التوجه وربما عمدنا فقط الى ربط هذه الدعوة بالمضامين التي ستدور حولها ندوات البيت وأعماله. كما سنسعى الى دعوة بعض أهم النقاد العرب من المشتغلين على الرواية. وسننسق مع هياكل ثقافية أخرى (كمعرض تونس الدولي للكتاب) من اجل دعوة كاتب عالمي على الاقل كل سنة

* هناك طفرة كبيرة في الانتاج الروائي لم ترافقها حركة نقدية، هل ستكون هناك ورشات نقدية؟
ستكون هناك ورشات نقدية للمنجز الروائي التونسي والعربي. كما سنقوم ببعث ورشة لتجويد المخطوط الروائي، الى جانب اتفاقيات تنسيق مع بعض المختبرات النقدية الموجودة في كليات الآداب في بلادنا وحتى في بعض البلاد العربية كمختبر السرديات في جامعة بنمسيك في الدار البيضاء. لا يمكن للابداع الروائي أن يتقدم من دون نقد. لذلك سيكون حجر أساس في مختلف أنشطتنا وبرامجنا، وكل موضوع سندرسه، سنحاول استضافة أفضل المختصين فيه محلياً وعربياً.

* هل سيتم التنسيق مع هياكل عربية مشابهة والتنسيق معها ؟
نرجو أن نوفّق في ذلك، وكانت المسألة مطروحة منذ بعث البيت ولكن ظروف الكورونا عطلت بعض اللقاءات مع اشقاء عرب، سنستأنف هذه الاتصالات والأكيد أنّ اتفاقيات ستعقد في هذا الصدد. كما فكرنا في التنسيق مع بعض الجمعيات الدولية المشتغلة على الرواية ولدينا في الربيع المقبل نشاط يتعلق بالكاتب اليوناني الكبير نيكوس كازانتساكي وشخصيته المميزة زوربا. نحن في صدد التنسيق لها مع جمعيتين لأحباء نيكوس واحدة يونانية والأخرى فرنسية.

* كيف ترى مستقبل بيت الرواية؟
أعتقد أننا سننتقل من مرحلة التأسيس وتركيز دعائم بيت الرواية التونسي الى شوط آخر تتعدد فيه الأنشطة والانتاجات. لذلك سنسعى ليكون البيت عنصر تجميع لكل الجمعيات المشتغلة على الأدب في تونس (اتحاد الكتاب، نادي القصة، بيت السرد، مركز الرواية العربية في قابس، رابطة الكتاب الأحرار...) وبعض هياكل الوزارة (معرض الكتاب، بيت الشعر، معهد الترجمة، مجلة «الحياة الثقافية»...). كذلك، سنسعى ليكون بيت الرواية مفتوحاً أمام كل الروائيين التونسيين من مختلف الأجيال والتجارب الأسلوبية. ونرجو مساندة الكتاب لنا في هذا المسعى بالحضور والمشاركة والنقد البناء.