أهذي بلادي؟... أَنْصِتوا لِسؤاليففيهِ جَوابٌ عن مَصَارِعِ حالي
بلادي التي لِي ليلُها ونهارُها
جُمِعْنَ فكانَ الجَمْعُ... مَحْضَ لَيالِ!
عن الفقرِ أحكي كيف أَصْبحَ شاهداً
يُحوّلُ لي مَالي... قُمَامةَ مالِ
عن الجوعِ، سَيّافٌ لئيمٌ وتَحْتَهُ
يجوعُ شيوخٌ خلفَ أكْلِ عِيالِ
عن القهرِ لم يترُك وجوهاً رَطيبةً
بلا سَلْبِها النُّعمى... وراحةَ بالِ
عن الدمع أخْفَتْهُ العيونُ لأنها
متى أخْرجَتهُ اهتزَّ عرشُ جبَالِ
بلادي التي كانت قِياماً بحالها
تُحَسَّدُ من غَربٍ... وشَرْقِ رِمالِ
بلادي التي ماتتْ بِحربٍ وأُخْرجَتْ
إلى «طائفٍ» من كُرْبَةٍ وخَيَالِ
تعودُ إلى موتٍ جديدٍ كأنها
حرامٌ عليها العَيشُ دونَ نِزالِ
وحاصرَها قَومُ الفسادِ، وحُلْمُهُمْ
كما الثّمَرُ الدّاني... قريبُ منَالِ
أصابِعُهُمْ لم تُنْكِرِ الدّمَ مَرّةً
وحِكْمَتُهُمْ في الأرضِ حَرْقُ غِلالِ!
ولُقمةُ عَيشِ الناسِ فِيهِمْ تجارةٌ
يُذَلُّ بها شَهْمٌ.... ويَندبُ سَال
بلادي رَمَتْ في خاطرِ الحبّ ثَورةً
لها صَبَّ رَبُّ الشِّعرِ تاجَ نَوالِ
ولكنْ لُصوصُ الفِلْسِ خانوا مصيرَها
ودَبُّوا على أعصابِها... كَنِمالِ
بلادي إذا كانت تَئِنُّ... فصَبرُها
شديدٌ على... حقدٍ وظُلمِ نِعالِ
يُصارِعُ تَقْليمَ المَشاعرِ شَعبُها
ويَرصُدُ فوقَ القلبِ... رفَّ نِبالِ
يُسائلُ أينَ اللهُ؟ أينَ عِبَادُهُ
وليس يُلاقي غيرَ... شَرِّ مَآلِ؟
■ ■ ■
هِوايةُ صَلْبِ الآخرينَ صِراطُنا
وثمّةَ جَلْدُ الذاتِ... بعدَ دلالِ
ويَرْكَبُنا العفريتُ ساعةَ يَرْتئِي
كما يَرْكَبَنَّ البَرْدُ... ريحَ شَمالِ
بلادي قَصَدْنا بَيْعَها من بدايةٍ
وأعْيُنُنا جَقْراءُ ليسَ تُبالي
بلادي رَسَمناها بعينِ قصيدةٍ
وثمّةَ مَن يمحو... بريشةِ ضَالِ
بلادي تَكاذَبْنا لِنَحْفَظَ «وُدَّها»
لِأنّ لَنا فيها... قُبورَ غَوالي
بلادي كَسَوناها لِباسَ مُهَرّجٍ
ولكنّها قامتْ بِناسِ نضالِ
بلادي اخْتَرعْنا كُتْبَ تاريخِها كما
نُرَقّعُ ثَوباً والمُرَقِّعُ بالِ
بلادي جَرَرْناها إلى الخَوفِ عَنوَةً
وكنّا نُمَنّيها بكسْبِ مَعالِ
أهذي بلادي لي؟ أهذا أنا له؟
أمِ اليأسُ؟... أمْ وَهمٌ بدونِ عِقالِ؟
إلى أينَ يا أهلي وعمّي وصُحبَتي
وقد هَجَمَ الأشباحُ دونَ ظلالِ؟
أمَا بَينَنا طُهْرٌ لِجَبِّ نَجاسةٍ؟
أمَا فوقنا رأيٌ لِكَسْرِ سِجالِ؟
لقد تَعِبَتْ أرضٌ بِحَمْلِ سُمومِها
لقد تَعِبَتْ روحٌ بكُلِّ قِتالِ
أقيموا نوايا تَوبةٍ واعزِفوا بها
نشيداً لأبطالٍ بخيرِ خصالِ
ولسنا لِنرضى كلَّ يَومٍ يَهُزُّنا
وصِيٌّ... بتصريحٍ وقَطْعِ وِصالِ
أقولُ وقد ناحتْ بلادي على يَدِي
تعالَي إلى صدري الجريحِ تعالي
سأخرجُ من ضَعفي... أُدَوْزِنُ مَولِداً
لِفِكرٍ بِهِ أعلو على الْمُتَعالي
وأبني بلادي... لا الطوائفُ فَخْرُها
وليس لسلطانِ الزمانِ تُوَالي
وأحكُمُ ... لا هذا صَليبٌ مُشَرِّعٌ
ولا ذاكَ قانونٌ ... بوَحْيِ هِلالِ
وأشْهَدُ للإنسانِ... أحلِفُ باسْمهِ
وأَلْهَمُ من نَهرِ الحياةِ مِثالي
وأجعلُ لِي وجهَ المُواطنِ صُورةً
لِعَدلٍ سَماويٍّ بشَوقِ كَمالِ
وأضربُ عُشّاقَ الخرابِ بوَكْرهِمْ
وأُكْرِمُ عُشّاقَ النُّهى... بِلَآلِ
وها أنَذا نفسي أحرِّرُها... هُنا
وأحْفِرُ تَوقيعي بِرَأسِ مَقالي


اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا