هناك سحر ملموس في «ضوء القمر» الذي يتطرّق إلى أحد محرمات المجتمع الأميركي وهي المثلية الجنسية عند أصحاب البشرة السوداء. مليء بالحدّة وانعدام الأمان وألم العجز الأسري والتجارب الجنسية الأولى. يقفز بنا المخرج الأميركي باري جنكينز بالقصة من مكان إلى آخر من دون أن يشرح الكثير، ويسمح لنا بإعادة هيكلة المقاطع باستخدام أدلة صغيرة.يبدأ الفيلم بجملة «كل زنجي هو نجم»، هذا الشعر يستخدم المصطلح الازدرائي لتضخيم احترام الذات لدى المجتمع نفسه. ولكن إن كنا نعتقد أن الشريط هو فيلم «غيتو»، سنكون مخطئين. إنّه بمثابة دراسة شخصية. وصف قصة الفيلم لن يكون مجدياً هنا، لأن أكثر الجمل تفصيلاً لن تكون قادرة على إثارة قوة وتجربة مشاهدة قصة هذا الصبي من الطفولة إلى المراهقة ثم البلوغ وعلاقته بوالدته وبتاجر المخدّرات وبأصدقائه. حياة شيرون (تريفانت رودس) لا ينقصها الانفتاح العاطفي، ولا هذا الشعور الكبير بالوحدة، لكنّ معاناته المكبوتة تحرمه المتنفّس. صبي يخنقه البؤس ولا يساعده جوهره اللطيف، بخاصة أن المواضيع الطبيعية كالعرق والمثلية الجنسية تصبح معقّدة جداً عند نقلها إلى العالم الذكوري.
يتطرق الشريط إلى أحد محرمات المجتمع الأميركي وهي المثلية الجنسية عند أصحاب البشرة السوداء


يترك الفيلم فينا شعوراً بالحزن والوحدة والألم، بفضل المشاهد الصغيرة والموسيقى ولعبة الألوان والمعالجة الضوئية، مع مجموعة من اللقطات الواسعة التي تصور البيئة ولقطات مقرّبة تعكس أنقى المشاعر. في «ضوء القمر» (أوسكار أفضل فيلم، أفضل ممثل مساعد، أفضل سيناريو مقتبس - 2016) الصورة تساوي ألف كلمة. العواطف مكشوفة بدون حوار طويل. لا يتم التعبير عن شيء بالكلمات إنما عبر النظرات والإيماءات ولغة الجسد. الفيلم هو مراحل الحياة والتغييرات والمواقف التي تميز حياتنا. نحن جميعاً نتيجة أمزجتنا وغرائزنا ورغباتنا الفطرية، ولكن أيضاً نتيجة البيئات التي نعيش فيها والأشخاص من حولنا. لذلك، لا يدور الفيلم حول المخدرات ولا التهميش الاجتماعي ولا الفقر ولا الهوية الجنسية، بل حول بناء الذات؛ كل ما يحدث في حياتنا والأشخاص الذين يدخلونها، يغادرونها أو يبقون، سيتركون أثراً دائماً فينا.

Moonlight
على نتفليكس

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا