لم تعد تخفى التحدّيات الإنتاجية التي فرضها وباء كورونا على مجال صناعة الأفلام والتلفزيون حول العالم، مع تعليق الكثير من المشاريع وتأجيل الكثير من المهرجانات السينمائية وإغلاق صالات السينما. غير أن هناك تحديات أخرى تواجه السينمائيين والمخرجين تتعلّق بكيفية تصوير هذه الأوقات القلقة التي لا يزال العالم يعيشها حتى اليوم. بعد سنة تقريباً على انتشار الوباء حول العالم، تسابقت بعض الكاميرات منذ شهر نيسان (أبريل) على تصويره، في وقت كان لا يزال مبكراً. هنا نعرض أبرز الأعمال التي صنعت حول كورونا، رغم أن ذلك لا يتعلّق بجودتها الفنية بالطبع. أحد آخر هذه الأفلام هو Songbird للمخرج آدام ماسون، الذي انطلق بثّه في 11 كانون الأوّل (ديسمبر) عبر PVOD. الفيلم الذي لاقى نقداً سلبياً من النقاد، ينطلق من حبكة مستقبلية أي سنة 2024 في أميركا، حيث يكون قدّ تطوّر فيروس Covid- 19 إلى Covid- 2023. هناك أيضاً Locked Down للمخرج الأميركي دوغ ليمان، والذي انطلق بثه منتصف الشهر الحالي على HBO Max حول زوجين يخططان لسرقة محل مجوهرات حيث يعيشان في لندن خلال الفترة الأولى من انتشار الوباء. في شهر نيسان (أبريل) من العام الماضي، ظهر فيلم Corona Zombies للمخرج الأميركي تشارلز باند. ولم يكن غريباً أن يعتمد الفيلم مقاربة رديئة وسهلة، تمزج الرعب والكوميديا والزومبيز. لجأ المخرج إلى مقاطع من أفلام أخرى، وإلى بعض المقاطع الصحافية حول الوباء، ليصوّر فيلمه، حول الزومبيز المصابين بفيروس كورونا الذين يهاجمون الأبطال. انصرفت بعض الأعمال إلى رصد التغيّرات التي فرضها الوباء على العلاقات الاجتماعية وأنظمة العمل في كافّة أنحاء العالم، كما فيلم Host، حيث ينطلق المخرج البريطاني روب سافيج من تطبيق زوم الذي بات مساحة اللقاء الوحيدة لمجموعة من الأصدقاء. في فيلم «كورونا: الخوف هو الفيروس» الكندي الذي افتتح في «ضمن مهرجان جزيرة رود الدولي للأفلام»، يتخذ المخرج مصطفى كشفاري من الوباء قالباً لتظهير رهاب الأجانب والكراهية الناتجة عنه اتجاه أعراق وشعوب معيّنة، من خلال عدد من الجيران الذين يجدون أنفسهم عالقين في مصعد المبنى الذي يقطنونه.
من جهة أخرى، لجأ بعض المخرجين إلى التوثيق وتتبع مسار الفيروس وتطوّره في بعض البلدان. فيلم Totally Under Control الذي حرص مخرجه أليكس غيبني على أن يبثّ قبل الانتخابات الأميركية، يصوّر تعاطي سلطة ترامب مع انتشار الوباء في الولايات المتّحدة، في مقارنة مع الطريقة التي اتبعتها كوريا الجنوبية لمواجهة كورونا. وبعيداً عن أميركا، يأخذنا المخرج الصيني هاو وو في فيلمه «76 يوماً» إلى ووهان، خلال الأيام الأولى لظهور كورونا. تعاون المخرج مع صحافيين مقيمين في المدينة الصينية، لتزويده باللقطات والمشاهد من يوميات المدينة ومستشفياتها. وقد اضطرّ الصحافيان إلى تصويرها في السر، خصوصاً في ظلّ التشدّد الذي فرضته الصين نظراً للتوتر السياسي في العالم. وأخيراً صنع وو من هذه اللقطات فيلمه الذي افتتح في «مهرجان تورونتو السينمائي»، في أيلول (سبتمبر) المقبل كوثيقة عن الأيام الأولى للوباء في الصين.
المخرج والفنان الصيني المشاكس آي ويوي، قدّم نظرته التوثيقية إلى الوباء في ووهان ولو من منفاه الأوروبي، بعد سنوات من الرقابة وملاحقته من قبل السلطات الصينية. في فيلمه Coronation الذي أنجزه مع بعض من سكان ووهان وأرشيفاتهم خلال فترة الحجر، يقدّم الناشط السياسي نقداً للسلطات الصينية والتعامل العسكري والأيديولوجي للتصدي للوباء من اليوم الأوّل لانتشاره في ووهان. هكذا يتنقّل الشريط داخل أروقة المستشفيات الصينية التي استحدثتها سلطات البلاد في وقت قياسي، فيما يظهّر الحيوات الفردية والعائلية في المنازل خلال العزل.
بالإضافة إلى هذه الأفلام، هناك Homemade الذي أطلقته منصّة «نتفليكس» في الصيف الماضي، وهو مسلسل منفصل يتضمّن قصصاً سينمائية من فترة الوباء، أخرجها سينمائيون من كلّ أنحاء العالم ضمن أفلام قصيرة منهم باولو سورينتينو، ورونغاني نيونو ونادين لبكي ونعومي كواسي وآخرين. وجاءت هذه الخطوة بعد مشروع سينمائي كندي، بعنوان Greetings from Isolation، جمع مخرجين كنديين لمشاركة قصصهم المصوّرة خلال فترة العزل الاجتماعي، أنجز منها حتى الآن أكثر من 90 شريطاً عرضت على صفحة المشروع الذي يحمل العنوان نفسه.