ينطلق غداً عرض فيلم «بيلي» على بعض المنصات الإلكترونية منها منصّتا أمازون وiTunes. الوثائقي الجديد عن المغنية الراحلة بيلي هوليداي (1915 -1959)، أنجزه المخرج البريطاني جيمس إرسكين بالاستناد إلى بعض التسجيلات الصوتية والمقابلات التي كانت الصحافية الأميركية الراحلة ليندا ليبناك كويل قد أجرتها مع مجموعة من الفنانين، ورجال الـ FBI والقوّادين وغيرهم ممن عاصروا هوليداي. تعود التسجيلات إلى السبعينيات، حيث شرعت كويل بالبدء بالتحري عن حياة من خلال المقابلات مع فنانين مقربين منها مثل كاونت بيسي وتشارلز مينغوس، وتوني بينيت وآخرين، ومئات الساعات من التسجيلات من أجل كتابة سيرة لهوليداي بعد وفاتها. لكن تلك السيرة لم تر النور أبداً، إذ توفيت كويل بشكل مفاجئ قبل إنهائها، وتراوحت فرضيات موتها بين الانتحار والقتل لاحقاً، لأنها كادت تصل إلى معلومات خطيرة بشأن هوليداي. لا تزال حياة النجوميّة المضطّربة لهوليداي وصوتها الاستثنائي، يلهمان المخرجين حول العالم. في الشريط، هناك مشاهد لمغنية الجاز السوداء وتسجيلات غنائية وموسيقية من حفلات وأفلام مثل New Orleans مع لويس أرمسترونغ، تصوّر صعود نجمها في تلك الفترة، خصوصاً مع فرقة كاونت بيسي. مشاهد مصوّرة تمهّد لما سيأتي لاحقاً من فصول مؤلمة وقاتمة من حياتها بسبب الإدمان على المخدّرات، والكحول، حيث كانت تمسك بقنينة الفودكا وهي تسجّل ألبومها الأخير Lady In Satin في 1958. ذلك لم يكن إلا نتيجة حياة مريرة تعرّضت فيها للاستغلال من قبل عشّاقها، وبالطبع عنصريّة النظام الأميركي وحياة الفقر المبكرة والتحرّش.
يتوقّف الفيلم التسجيلي عند طفولتها في عائلة فقيرة سوداء في بالتيمور قبل الانتقال إلى نيويورك وغنائها في بعض الحانات في البداية. طفولة تعرّضت فيها إلى الاغتصاب في العاشرة من عمرها قبل أن تبدأ في البحث عن مكان لها في هذا العالم. هكذا يسلّط العمل الضوء بشكل أساسي على الشياطين الخارجية التي كانت تحيط بها في حياتها القصيرة، قبل رحيلها في الأربعينيات من عمرها. في السيرة، ثمة مساحة لعلاقتها العاطفية والجنسية، ومحطّة أساسية للنظام العنصري الذي منع هوليداي لفترة من الدخول عبر الأبواب الرئيسية لقاعات الحفلات، كذلك مطاردتها لاحقاً من قبل رجال الشرطة والحكومة الأميركية خصوصاً بسبب أغنيتها «فاكهة غريبة» (Strange Fruit) سنة 1939. غير أن هوليداي لم تقدّم التنازلات على الإطلاق. أصرّت على غنائها في حفلاتها رغم منعها المتكرّر من ذلك. وكان عليها بالطبع أن تدفع ثمن ذلك عبر ملاحقتها من قبل الشرطة بتهم تعاطي المخدّرات التي سجنت بسببها لعام كامل في الأربعينيات من دون أن تغني نغمة واحدة هناك.