عقَد مركز التراث في الجامعة اللبنانية الأَميركية LAU ندوته التواصُلية الحادية عشرة عن بُعد، حول موضوع «من تراث اللبنانيين في فرنسا والمغرب»، أَعدَّها مدير المركز الشاعر هنري زغيب وحاور فيها من ﭘـاريس المؤلف الدكتور عبدالله نعمان، ومن طنجة (المغرب) المؤلف الدكتور رشيد عبدالسلام العفَّاقي.في افتتاح الندوة قال هنري زغيب في كلمته: «من علامات لبنان أَنَّ أَبناءَه في العالم يفُوقون عدداً بنيه على أَرضه. ومن علامات هؤُلاء في العالم أَنهم أَينما نَزَحوا نَجَحوا، وأَينما حَلُّوا جَلُّوا، وأَينما سَطَعوا بَرَعوا. هذا يؤَكِّد أَنَّ لبنان الدولة ضئيلُ الجغرافيا والديموغرافيا، بينما لبنان الوطن لا حدودَ لجغرافياه على الخارطة، ولا حصرَ لديموغرافياه في أَوطان الآخرين».
وأَضاف: «ها هم لبنانيُّو العالم في كل صقْع، وتحت كل سماء، يرفعون، في معظمهم، وفاءَهم للدُوَل التي استقبَلَتْهُم، ويُبقُون ولاءَهم لأَرضهم الأُمّ أَطْلَعَتْهم أَو أَطْلَعت آباءَهم ونَثَرتهُم رياحينَ لبنانيةً في مدن الدنيا وعواصمها، يحمِلون إِليها إِرثهم العريق وخبرتَهم الوُثقى، ويُسْهِمون في المجتمع حيثُ هُم فيكون لبنان ناصعاً في سماتهم والسُلوك» وختم: «من لبنان الكبير في ندوة سابقة، نطل اليوم على لبنان العالمي مع خبيرَين عالَـجا في أَبحاثهما حضوراً للُّبنانيين في العالم: الدكتور عبدالله نعمان صاحب الكتاب الضخم (بالفرنسية) «تاريخ المشرقيين في فرنسا منذ القرن الأَول حتى القرن الحالي الحادي والعشرين»، والدكتور رشيد بن عبدالسلام العفاقي، صاحب موسوعة «اللبنانيون في المغرب خلال قرن كامل: 1880 - 1980» وهو عمل ضخم من 3000 صفحة مع وثائق بيوغرافية وبيبليوغرافية».
عاد عبدالله نعمان في مداخلته إِلى القرن السادس عشر مع العالم الكنَسي جبرائيل الصهيوني الإِهدني الذي ترجم الكتاب المقدس في لغات عدة، وكان يدرِّس العربية في الكوليج دو فرانس الشهير. ثم انتقل إِلى رشَيْد الدحداح الذي أَنشأَ سنة 1860 مجلة «برجيس ﭘــاريس» وكانت له كتابات أُخرى لافتة في عصره. بعده تحدَّث عن شكري غانم ودوره في الوفد اللبناني إِلى مفاوضات إِنشاء دولة لبنان الكبير، وتمثيل مسرحيته الشعرية الأُوﭘـرالية «عنتر» سنة 1910 في مسرح الأُوديون العريق في ﭘـاريس وهي بقيت تؤَدَّى حتى ثمانينات القرن الماضي.
وتحدَّث نعمان عن الآنسة كاترين شامية ابنة أَنطون شامية من بعلبك، وهي حملت الدكتوراه في العلوم، وانضمت سنة 1921 إِلى مختبر كوري معاوِنةً مديرتَه العالِـمة الشهيرة ماري كوري وبقيت تزاملها حتى توفيَت مغمورةَ الذكر والذكرى سنة 1950. وختم نعمان مداخلته بالحديث عن كبير شعراء لبنان الفرنكوفونيين جورج شحادة الذي كان لقصائده يوم صدرت في ﭘـاريس أَصداء واسعة زاد منها صدورُ مسرحياته المتعاقبة التي كرَّستْه رائدًا للمسرح الحديث مع أُوجين إِيونسكو وآخَرين.
رشيد العفَّاقي اقتطف من موسوعته عن اللبنانيين في المغرب شخصيات بارزة بين مَن هاجروا من لبنان، وعملَ معظمُهم مترجمين لدى قنصليات أَجنبية أَكثرها في طنجة. فلدى القنصلية الأَلمانية كان ماروم فضل الله ومنصور ملحمة وجوزف سعادة، ولدى القنصلية الإِنكليزية كان أَسعد كلارجي كرم وعيسى فرح وسليم كسباني، وهذان الأَخيران أَسَّسا جريدة «المغرب» وهي أَول جريدة عربية في البلاد. ولدى القنصلية الأَميركية كان سليم الخازن، ولدى القنصلية الفرنسية كان الإِخوة ميشال وأَسعد ووديع كرم، وبرز منهم هذا الأَخير في جريديتَين كُبريَين: «السعادة» و«الترقّي».
وأَضاف العفَّاقي متحدِّثًا عن الشقيقَين فرج الله وأَرثور نمّور وجريدتهما «لسان المغرب» التي كان لها تأْثير كبير في عصرها، ثم تحدَّث عن نعمة الله الدحداح الذي كان ترجمان الإِسـﭙـان في طنجة وتطوان وأَنشأَ مجلة "الاتحاد"، وكانت له علاقة وُثقى هناك مع الأَمير شكيب أَرسلان إِبّان وجوده في المغرب.
وبعدما تحدَّث العفّاقي عن أَلفريدو البستاني أُستاذ العربية الشهير لدى «مركز الدراسات المغربية»، ختم بالتركيز على صالح أَبو رزق في الدار البيضاء ودوره الكبير في مواقفه ومقالاته التي كانت تتردَّد أَصداؤُها في كل البلاد.
وفي ختام الندوة استضاف مديرها مداخلات من متابعيها في لبنان وﭘـاريس ومونتريال وهلسنكي، وأَنهى بالإِعلان عن الندوة المقبلة حول وجه آخر من تراث لبنان في لبنان والعالم.