في مجال العزف على الغيتار الكلاسيكي المنافسة شديدة جداً. فهي آلة سهلة نسبياً، شعبية جداً نظراً لسهولة حملها وثمنها المقبول نسبةً إلى البيانو الجيّد أو الكمان المحترم. مستخدمة في كل الأنماط الموسيقية الغربية، من الشعبي إلى الجاز والكلاسيك. أن تصبح أسطورة على هذه الآلة يعني أن تكون خارقاً… وجوليان بريم هو أحد هؤلاء، وقد رحل أخيراً بعدما قدّم في الموسيقى الكلاسيكية مساهمةً من الأهم في فئتها في القرن العشرين.جوليان بريم هو من العصبة التي اعتلت عرش الغيتار الكلاسيكي في النمط الكلاسيكي، إلى جانب كبير المجموعة، الأسطورة الإسباني أندريه سيغوفيا (1893 — 1987) وبعده مواطنه العملاق نارسيسو يبيس (1927 — 1997) والفرنسي من أصول إيطالية/ يونانية ألكسندر لاغويا (1929 — 1999) وصغير المجموعة، والشاهد الأخير على بصمتها، الأسترالي جون ويليامز (مولود عام 1941, وهو غير مؤلف موسيقى الأفلام الشهير). هناك الكثير غيرهم من وحوش هذه الآلة قبلهم، لكنّ هؤلاء حالفهم الحظ بأن عاشوا في فترة كان قد بلغ فيها التسجيل تقنيات عالية تسمح بالتوثيق النظيف.
وُلِد بريم في بريطانيا عام 1934 وتأثّر بدايةً بالغجري الملك جانغو راينهارت (1910 — 1953). اتّجه صغيراً إلى دراسة الغيتار وظهر عازفاً أمام الجمهور وهو لا يزال صبياً في بداية المراهقة. درس مع سيغوفيا، فهمس المعلّم الإسباني في أذن الفتى الموهوب أسرار الآلة الخفية. وعلى غرار بعض عازفي الغيتار، اهتم بالآلة الوترية الكلاسيكية القديمة، الـ«لوت»، نتيجة اهتمامه بالموسيقى الإنكليزية في عصر النهضة خلال عهد الملكة إليزابيث الأولى (النصف الثاني من القرن السادس عشر)، حيث كان استخدام هذه الآلة — التي كانت تعزفها الملكة — أساسياً في الأعمال الآلاتية والغنائية. شغف الراحل بالموسيقى المسمّاة قديمة (أي، في القاموس الكلاسيكي، النتاج الموسيقي قبل القرن الثامن عشر) لم يمنعه من الاهتمام بالتجارب الجديدة، فكانت له مساهمة كبيرة في موسيقى القرن العشرين، وعدد كبير من المؤلفين كتبوا له خصيصاً أعمالاً للغيتار (أو يدخل فيها الغيتار كآلة أساسية). بين النهضة والحديث، سجّل جوليان بريم عشرات الديسكات التي طالت مؤلفات كتبت للـ«لوت» أو الغيتار، من أعمال باخ للآلة الأولى (وأعمال أخرى بتوليف للغيتار) إلى المؤلفين الإسبان، أصحاب حصّة الأسد في التأليف للغيتار الذي يعتبر آلتهم الوطنية.