لم يكن الاختلاف من الناحية الموسيقية فحسب في المشروع الجديد، بل اختار حمدان هنا أيضاً مقاربة إنتاجية جديدة. قرر هو وأديب إنتاج أغنية في الشهر موضحاً: «بدلاً من إنتاج ألبوم وإصداره ورمي الأغنيات كلها دفعة واحدة، اتّخذنا هذا القرار. فالناس يختارون أغنية أو اثنتين من الألبوم عادة ولا يصغون إلى الألبوم كاملاً. بهذه الطريقة، نعطي كل أغنية حقّها، ونصدر لها شريطاً مصوّراً. أطلقنا «تحت الورد» و«يا من حوى»، وسنصدر أغنية عنوانها «منسية» الشهر المقبل من لحن لين». بعد عشرين سنة من العمل، لاحظ حمدان أن إصدار الأغنيات في ألبوم كامل يُفقد كل منها إمكاناتها، كما أن إنتاج كل ما ينجزه من تأليفات وتسويقه غير ممكن اليوم. في أغنية «تحت الورد» مثلاً، عمدا إلى تصميم كل شي باليد، فكانت أديب هي من ترسم ويتولّى حمدان الـ«إديتينغ»، بالاستعانة بأشخاص متحمّسين للمشروع، مثل «ديبو فانت» الذي أعارهما الملابس.
«برغر بدوي» إذاً ليس بألبوم، بل يميل أكثر إلى كونه مشروعاً موسيقياً، لا يمكن تأطيره في جو أو نمط معيّن. فكرة واحدة تجمع الأغنيات كافة، هي اللهو عبر الفن والموسيقى. في هذا الصدد، يشرح لنا حمدان أنه وأديب أرادا «شيئاً يسلّينا. فعملنا مثلاً على أغنية بدوية راقصة، ثم كانت لنا رغبة في الانتقال إلى الموسيقى الأكوستيك حيث نركز على الآلة وعلى جوّ سينمائي. بعدهما، ننتقل إلى موشّح قديم. لا نفكر هنا في الجمهور أو في السوق وكيفية تسويق العمل. همّنا الموسيقى واللهو والفرح بفعل أشياء لم نعتد عليها. هذه المرة الأولى التي أتعاون فيها مع فنانة آتية من عالم الجاز. فلين تجمع بين الجو البدوي والجاز وجعلتني أفتح ذوقي على عالمها. ومن ناحيتي، عرّفتها على الآلات الإلكترونية والتوزيع الموسيقي العربي بطريقة مختلفة، فكانت الخلطة التي أدت إلى هذا العمل». أما عن عنوان الألبوم «برغر بدوي»، فهو يشير تحديداً إلى هذا المزيج بين الروح السورية والبدوية التي كبرت في جوّها أديب والموسيقى الإلكترونية الأجنبية التي اعتبرها حمدان بشيء من الفكاهة «برغر».
أنتج الثنائي «تحت الورد» و«يا من حوى» و«منسية» واستعادة لـ«جانا الهوى»، إضافة إلى أغنية تحت عنوان «يا خيط الصبح»
إلى الآن، أنتج الثنائي «تحت الورد» و«يا من حوى» و«منسية» واستعادة لـ«جانا الهوى»، إضافة إلى أغنية تحت عنوان «يا خيط الصبح» هي استعادة لأغنية فلسطينية. فالمشروع يتأرجح بين أغنيات أصلية من تأليف الفنانين واستعادات معروفة من التراث. النصوص الأصلية تتعلّق بمواضيع شخصية جداً وحقيقية. في «تحت الورد» مثلاً، تتكلم لين عن دفن زوجها وهي مستوحاة من «نانت» للمغنية الفرنسية باربارا، ولكن ليس من ناحية اللحن بل هو تشابه له علاقة بجو الأغنية. كانت تسمعها كثيراً وكوّنت عبرها سيناريو في رأسها قادها إلى كتابة الأغنية. تعتبر أديب أن الموسيقى «علاج نفسي: ما زال صعباً عليّ أن أتحدّث عن قصص غيري، ربما لأنني أحاول النجاة عبر الموسيقى. ولكن لا شك في أنني أتأثر أيضاً بالأمور التي تحدث حولي. الموسيقى بالنسبة إلي صلاة، وأمر ضروري جداً».
في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان، الناس بحاجة أكثر من أيّ وقت مضى إلى الموسيقى في نظر حمدان، الذي يعتبر أن التركيز على الأمور الحياتية المعيشية لا يمنع أيضاً الاستمرار في الاستمتاع بالفن: «تصوّري لو أنّ الناس لا خيار لهم إلا الإصغاء إلى الأخبار. أفرح جداً في هذه الفترة الصعبة عندما أسمع بصدور أغنية جديدة. أنا مع الثورة والتغيير مئة في المئة كما يعلم الجميع. وأشجع على الإنتاج أكثر في هذا الوقت. بدلاً من انتظار الموت، علينا أن نوصل صوتنا. أنتج الموسيقى وعليّ الاستمرار في فعل ذلك. كلّما أعطيت فرصة، أتحدث عن الظلم».