يأتي موقع «آخر قصّة» كمساحة بديلة في الفضاء الإلكتروني لنشر النصوص الإبداعيّة، أطلقها أخيراً الكاتب الليبي المقيم في لندن مو مصراتي مع المصوّر العراقي حيدر ديوه جي. الموقع الذي انطلق أخيراً باللغة العربيّة، يحوي التعريف التالي: «نهتم بنشر القصص القصيرة واليوميات والنصوص التجريبية، بكل التقنيات والأساليب المتاحة والمبتكرة. نرحّب أيضاً بنصوص الكُتّاب الواعدين، ونسهم في تحرير وصقل النصوص التي تُرسل كمسودات أولى». أما النتيجة، حتى الآن، فهي عدد وافر من النصوص والقصص والمقالات والقصائد المنشورة ضمن خمسة أقسام: «قصص»، «مقالات»، «يوميات»، «نصوص» و«شعر». منذ إطلاق الموقع الإلكتروني، باتت هذه الأقسام تحوي نصوصاً لكتاب من فلسطين ومصر والجزائر ودول عربية أخرى، وهي نصوص لا يمكن حصرها بنمط معيّن، فالتجريب هو السمة الأساسية فيها، منها ما كُتب بالمحكيّة مثل نصّ الكاتب المصري يوسف رخّا بعنوان «أنا وفيسبوك والمكان الآخر». لذلك، ستكون قراءة هذه النصوص والاطلاع عليها هي الطريقة الأجدى للإحاطة بها. الحاجة إلى موقع كهذا تبدّت في تغريدة كتبها مو مصراتي على تويتر، يتساءل فيها عن المواقع العربية المختصّة في نشر النصوص الإبداعية، لتأتي الردود من قبل القرّاء والمتابعين تأكيداً على قلّة هذه المنصّات الأدبيّة. هكذا جاء الاقتراح من قبل حيدر ديوه جي، ليتحقّق بعد ذلك بالتعاون مع مو مصراتي. لكن الموقع ليس مجرّد محاولة لتعبئة فراغ في المنصّات الأدبية العربيّة الإلكترونية. لا يغفل القيمون عن التجارب العربية الأخرى التي انتشرت في الفترة الأخيرة، ضمن محاولات لخلق مساحات مبتكرة ورحبة بالمقارنة مع الصحافة اليومية التي لا مجال فيها لكلّ هذا التجريب الأدبي والإبداعي أو حتّى في تناول القضايا الراهنة. يؤكّد مصراتي أن «آخر قصّة» هو امتداد لهذه المساحات ومكمّل لها: «ثمّة جهود جميلة وطموحة في الإنتاج الإلكتروني للقصص والنصوص الإبداعية باللغة العربية، لكنها محدودة في عددها، لذلك فكرة «آخر قصة» هي امتداد لهذه التجارب وتعزيز لطموحها».
اكتشاف النصوص الجديدة والكتاب اليافعين ومساعدتهم في تحرير مسودّاتهم الأولى

رغم تنوّع الأقسام في الموقع، التي تحاول الإحاطة بأنماط كتابيّة متعدّدة، إلا أن ما يعني المحرّرين بنحو خاص هو النصوص التي تحمل في طيّاتها سرداً. فما يجمع بين ديوه جي ومصراتي، كما يؤكّد الأخير هو كونهما صنّاع حكايا، واحد من خلال الصورة والإخراج البصري، والآخر من خلال الكتابة والتدوين. هكذا يأتي السرد، ليوسّع من الخيارات التي يبدي الموقع انفتاحاً لتلقيها، وهو يأتي بمثابة هامش رحب يتّسع لنصوص الكتّاب المكرّسين، لكنه أكثر من ذلك يطمح إلى اكتشاف النصوص الجديدة والكتّاب اليافعين ومساعدتهم في تحرير مسودّاتهم الأولى. تشكّل خطوة التحرير والتعاون مبادرة لاقت ترحيباً من قِبل بعض المؤلفين الذي أبدوا حماستهم لتلقّي الملاحظات الأوّلية من المحرّرين، كما يخبرنا مصراتي. ولعلّ هذه الخطوة، هي ما يميّز الموقع، خصوصاً أنها تعني الكتاب الجدد الذين لا يجدون هذه الفسحة الأوّلية من أجل نشر إنتاجاتهم الأدبية، واختبار علاقتهم مع القرّاء، يضاف ذلك إلى حاجتهم للملاحظات والتحرير قبل النشر، وقبل اتخاذ قرار التوجّه إلى دور النشر ومحرريه. من هنا يصبح الموقع ممراً تجريبياً ملحّاً بالنسبة إلى هؤلاء، ومتنفّساً إبداعيّاً للكتاب المكرسين والروائيين والمترجمين العرب.
http://akhirqissa.com/ar