أعلنت «المكتبة الوطنية الإسرائيلية» أول من أمس، عن مشروع جديد يشتمل على نشر حوالي 2500 كتاب ومخطوطة إسلامية على موقعها الإلكتروني ليصبح هذا الأرشيف العربي والتركي والفارسي النادر متاحاً، ومنه ما يعود إلى القرن التاسع ميلادي. الخبر أثار غبطة الصحافة العالمية التي سارعت إلى نشر خبر ضمن ما اعتبرته هديّة من مكتبة الاحتلال الإسرائيلي إلى القراء حول العالم، من دون أن تأتي على ذكر أكبر استلاب في التاريخ للإرث الثقافي الفلسطيني من كتب ووثائق ومقتنيات. ما اعتبر هديّة ليس إلا مشاركة ما تمّت سرقته منذ اضطرّ الفلسطينيون إلى ترك منازلهم في نكبة سنة 1948. عودة إلى تاريخ المكتبة، يظهر حجم السرقة المنظّمة الذي قامت عليه المكتبة، بدءاً بكتب التراث اليهودي، منها كتب التوراة وأدبيات الأنبياء التي سرقت من الوافدين اليمنيين اليهود إلى الأراضي المحتلة خلال الأربعينيات، وإرث فرانز كافكا الذي تركه الكاتب التشيكي مع صديقه ماكس برود قبل أن تستولي عليه المكتبة. وتضاف إليها سرقة كتب الفلسطينيين التي عرف منها حتى الآن 80 ألف كتاب، منها ما يعود إلى الكاتب والمعلّم خليل السكاكيني، والمحامي الراحل عمر البرغوثي الذي اكتشفت حفيدته في السنوات الأخيرة مئات الكتب التي سرقت من مكتبته التي تركها قبيل مغادرته فلسطين خلال النكبة، بالإضافة إلى مكتبة عائلة المؤرخ والصحافي الفلسطيني الراحل ناصر الدين النشاشيبي في القدس وآخرين. موضوع السرقة أثير مراراً في الأراضي المحتلّة. في كتاب «بطاقة ملكية: تاريخ من النهب والصوان والاستيلاء في المكتبة الوطنية الإسرائيلية» للباحث الإسرائيلي غيش عميت (صدرت نسخته العربية عن «المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية» ــ ترجمة علاء حليحل)، يتوقّف عند محطات متعدّدة من سرقة الكتب قامت بها المكتبة برفقة جيش الاحتلال الإسرائيلي. هناك أيضاً فيلم وثائقي «سرقة الكتب الكبرى» (2012 ــ متوافر على الانترنت) الذي يكشف سرقة 70 ألف كتاب من بيوت الفلسطينيين خلال النكبة. وبالعودة إلى موضوع المخطوطات الإسلامية النادرة، منها ما كتب بالخط الكوفي، وأقدمها يعود إلى القرن التاسع الميلادي، فضلاً عن نسخ نادرة من القرآن، فإن المكتبة كانت قد زعمت أن مصدرها هو مؤرّخ يهودي. تبقى هذه رواية الاحتلال بالطبع. إذ أن عدد من المتخصصين الفلسطينيين كانوا قد رجّحوا في السابق أن تكون هذه المجموعة الجديدة قد سرقت من مكتبات البلدان العربية، خصوصاً مكتبة بغداد التي نهبت ثمّ أحرقت خلال الاحتلال الأميركي للعراق سنة 2003. المفارقة أن السرقة تمّت على يد الجنود الأميركيين مثلما فعل الجنود الإسرائيليون في فلسطين المحتلة قبل عقود. ولعل هذا العرض الإلكتروني هو فرصة للباحثين من أجل تتبع الطريق التي قطعتها هذه الكنوز الإسلامية النادرة قبل أن تستولي عليها المكتبة الإسرائيلية.
ـــ