في مقابلات عدّة، كشف بونغ جون هو أنّ رسم مشاهد مصوّرة مبكرة لأفلامه هو وسيلته الوحيدة لتبديد القلق أثناء فترة التصوير. وسيلة تحوّلت مع الوقت إلى حاجة لا يتخيّل نفسه من دونها، وإن فعل فسيكون الأمر كما لو أنّه يقف في محطّة للقطار لكن من دون بنطاله، كما وصف الحال بسخرية. لذلك كلّما أراد المخرج الكوري الجنوبي العمل على مشروع جديد، ثمّة مرحلة أساسيّة ينطلق منها وهي القصص المصوّرة الأولى للسيناريو، كتصوّر ما ستكون عليه المشاهد لدى تصويرها. ينطبق هذا على كلّ أفلامه منذ باكورته الروائية «كلاب تنبح» (2000)، فـ«ذكريات جريمة» (2003) و«أم» (2009)... ولعلّ أحد أفلامه الأكثر تأثّراً بالقصص المصوّرة بصرياً هو «أوكجا» (2017) بحيوانه العجيب والخيالي. هذه المرحلة مرّ بها أيضاً فيلمه «طفيلي» (2019) الذي يعدّ أحد أشهر أفلام العام الفائت، بنيله أهمّ الجوائز السينمائية العالمية على رأسها السعفة الذهبية في مهرجان «كان» السينمائي، وجوائز عدّة في «الأوسكار». قريباً سيصبح بإمكاننا الاطّلاع على هذه الرسومات والملاحظات الخاصّة بالمخرج، إذ ستصدر نسخة منها عن دار Grand Central Publishing (نيويورك) بعد أيّام باللغتَين الإنكليزية والكورية. القصة المصوّرة، دعوة لقراءة «طفيلي» ولخوض تجربته لكن من خلال رسوماته الأولية المتسلسلة والحوارات التي استندت إليها لقطات الشريط. وضع المخرج في قصّته الصراع الطبقي بين عائلتين، وبين منزليهما وطوابقها السفلية والعليا بسخرية قاتمة. سنقرأها هذه المرّة في كتاب يحوي مئات الرسومات ضمن حوالى 300 صفحة تشكّل مرجعاً استثنائياً للسينمائيين. لقد قام بون جون هو برسم كلّ مشهد من المشاهد. تظهر الرسوم أحياناً بطريقة كاريكاتورية وخربشات سريعة، بينما رسم بعضها بطريقة تفصيلية مرفقة بملاحظات دقيقة لمقاسات الكادر وحركة الكاميرا والمسافة بين الشخصيات والأمكنة التي صوّر فيها. نذكر منها اللقطة الشهيرة لشقيقي عائلة تي _ كايك وهما يجلسان على كرسي الحمام لسرقة الإنترنت من الجيران، فضلاً عن مواقع أخرى في الفيلا الشهيرة وقبوها وحديقتها. يحوي المؤلّف لقطات من نسخة الشريط النهائية، سيعثر فيها القارئ على بعض التعديلات التي أجراها المخرج خلال التصوير. قد لا تكون مشاهد جون هو المرسومة مكتملة كقصّة مصوّرة مستقلّة، إلّا أنها تجربة سينمائية وقصصية أخرى تكشف لنا المراحل الخاصّة التي يخوضها المخرج لصناعة أفلامه.