أعلنت «مؤسّسة محمود درويش» أخيراً عن منحها «جائزة محمود درويش للثقافة والإبداع» في نسختها الـ 11 إلى أربعة من وجوه الفكر والأدب في العالم والعالم العربي. فقد ذهبت الجائزة هذه السنة إلى المفكّر الأميركي نعوم تشومسكي، والشاعر والباحث الفلسطيني زكريا محمد بالإضافة إلى المترجم والشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي، فيما اختار المجلس التنفيذي لـ «مؤسّسة محمود درويش» (تأسّست عام 2008) الشاعر اللبناني شوقي بزيع لمنحه جائزة الشرف الخاصّة. وقد أصدرت لجنة التحكيم (تضمّ رياض كامل، واعتدال عثمان، والمنصف الوهايبي، والياس فركوح، وعادلة العايدي، وابراهيم أبو هشهش برئاسة محمد برادة) بياناً طويلاً سوّغت فيه اختيارها لكّل الفائزين بالجائزة، تتضمّن أيضاً نبذة وافرة عن تجاربهم في اللغة، والفكر والشعر والترجمة.في استعادته لسيرة العالم اللغوي والمفكر الأميركي نعوم تشومسكي، لفت بيان الجائزة إلى أهميّة أفكاره اللغوية الثورية، وإلى «مواقفه الداعمة للكثير من القضايا الإنسانية العادلة، وعلى الأخص موقفه المناهض للاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، ومواقفه ضد الاستبداد والعنصرية». كذلك، شكّل تشومسكي مع رفيق دربه إدوارد سعيد صوتين عالميين بارزين في التصدي للصهيونية والدفاع الفكري والأكاديمي عن القضيّة الفلسطينية، ووجه نقده تحديداً إلى الرأسماليّة الليبراليّة في مؤلفات أبرزها «سلطة أميركا والبيروقراطيون الجدد» و«الحادي عشر من سبتمبر»، و«هيمنة الإعلام» وغيرها.
أما عن اختيارها المترجم المغربي عبد اللطيف اللعبي، فأشار بيان اللجنة إلى دور اللعبي الأساسي في الحياة الثقافية والشعريّة المغربيّة بعد سنوات قليلة على نيل البلاد استقلالها، بدءاً من تأسيس مجلّة «أنفاس» مع مجموعة من رفاقه لتكون منبراً لأسئلة التغيير، ما زجّ به في السجن لثماني سنوات شكلّت بوّابته نحو الشعر. على هذا تكون تجربة اللعبي، وفق البيان، نموذجاً عن الشعر كأداة تغيير في المجتمع. فضلاً عن تجربته الشعريّة والروائيّة، استطاع اللعبي «أن يـمدّ جـسْـراً بين شعراء كتبوا بالعربية وجمهورٍ مُحـتـملٍ يقـرأ الفرنسية. فـكان أولَ مَـنْ تـرجم لمحمود درويش، ثم لشعراء وشاعرات آخـرين مـــن فلسطين وأقطارٍ عربيةٍ أُخـرى»، قبل أن يؤسّس مع زوجته سنة 2015 «مـؤسسة اللّـعبي للثقافة».
كذلك، توقّف البيان عند الآفاق الشعريّة الجديدة التي فتحتها قصيدة الشاعر الفلسطيني زكريا محمد، فمنذ «القصائد الأولى التي نشرها في الصحف العربية أواخر السبعينيات، لفت الانتباه إلى نبرةٍ شعريةٍ جديدةٍ مُتفردة» لم تشبه أياً من الأصوات الشعرية الكبيرة التي كانت سائدة حينها. إلى جانب كتابته الشعرية، استرجع البيان أيضاً تجربته الشاملة في النحت والرسم وفي الرواية، وقصص الأطفال التي تعيد قراءة الموروث الشعبي من زاوية مبتكرة، وفي مقالاته البحثيّة الفريدة في اللغة والتراث والأسطورة.
واحتفت الجائزة أيضاً بصوت أساسي في الشعر العربي المعاصر هو شوقي بزيع، حيث أشاد البيان بقصيدته التي تمزج «بين أنماطٍ موسيقيةٍ يختزنها الموروث الشعري العربي، وبين لغةٍ معاصرةٍ متمكنةٍ توظف السرد وتُحرر طاقته الشعرية الكامنة». ولفت البيان أيضاً إلى قدرة الشاعر اللبناني النقدية على مواكبة راهن الشعر العربي عبر قراءات تتبع المشهد بأدوات ناقد متمكّن ورصين. و«في ظل التحديات المتنامية التي يواجهها لبنان، شعباً وقوى حيّةً طالما كانت في مقدمة المدافعين عن الحرية والحياة، خصوصاً القضية الفلسطينية»، منحت اللجنة جائزة الشرف الخاصة لبزيع تقديراً لدوره كشاعر ملتزم في مناصرة الشعب الفلسطيني.