كما جرت العادة، دعا منظمو «بيروت آند بيوند» أسماء صاعدة وأخرى مكرّسة، ضمن برنامج الدورة السابعة التي ستجري في 28 و29 شباط (فبراير). من بين القائمة الطويلة من الأسماء، اخترنا ثلاثة فنانين أصحاب تجارب وخلفيات موسيقية مختلفة وطرحنا عليهم ثلاثة أسئلة مرتبطة بمسيرتهم المهنية ومشاركتهم في الحدث وموقفهم من اللحظة الراهنة في لبنان.في اتّصال معه من باريس، تحدّث بشار خليفة عن شخصيته الفنية التي تأثّرت بكونه ابن عائلة موسيقية (والداه مارسيل ويولا، وشقيقه رامي). «الاستقلال لا يحصل فجأة، بل هو جهد يومي متواصل. لغاية اليوم، أشعر أنّني ما زلت أبحث عن أمور لم أبلغها بعد. ربّما ألبومي الأوّل الصادر في 2010 كان أشبه بصفحة جديدة، لكنّها ليست بيضاء تماماً لأنّها متأثّرة بالبلد والعائلة والطفولة والتجارب، وهذا أمر أساسي ومهمّ وجيّد». ويضيف: «كلّ هذا جزء منّي ولا أستطيع التنصّل منه، ولا أريد ذلك. الاستقلال الموسيقي هو إنساني أيضاً، ويمكن اختصاره بأنّ يحارب المرء نفسه والعمل جاهداً على صقلها وتطويرها». أمّا عن النمط الموسيقي الذي ينتمي إليه، فيؤكّد الفنان المولود في عام 1983 أنّه يهرب من التصنيفات لأنّه «ليست وظيفتي أن أشرح موسيقاي وأعمالي للناس... أنا أقدّم أفكاري ويبقى على المتلقي تفسيرها على طريقته». أحياناً يضعه البعض في خانة الجاز أو الموسيقى الكلاسيكية أو الإلكترونية، لكنّه يشعر أنّ «جميعها تناسبني... أرفض تأطير ما أنتجه. أحب المحافظة على حريّتي».

جعفر الطفار

لا يخفي بشّار فرحته بالعزف في لبنان بعد مرور أربع سنوات. سيفتتح صاحب ألبوم ...Who›s Gonna Get the Ball from Behind المهرجان في «استديو زقاق» إلى جانب دوغان بويراز (درامز) وألكسندر أنجيلوف (باص) اللذين يعزفان معه منذ خمس سنوات ورافقاه في جولته الأوروبية الأخيرة. برنامج الحفلة يضمّ أعمالاً قديمة وجديدة، بالإضافة إلى مختارات من ألبومه On-Off (اسم مبدئي) الذي لا يزال قيد التحضير وقد اشتغل عليه في كانون الأوّل (ديسمبر) الماضي في منزل العائلة الجبلي.
يعد بشّار الجمهور بليلة فيها الكثير من «الفرح والقوة والأمل» التي نحتاج لها اليوم أكثر من أي وقت. يشير إلى أنّ قلبه اليوم مع كلّ اللبنانيين، فـ «أنا أشعر بالحزن والهم الكبيرَيْن».

بشّار خليفة


زيد حمدان

في اليوم التالي، يضرب زيد حمدان (1976) موعداً مع الناس في «مترو المدينة» ليقدّم أحدث تعاوناته الفنية، إذ سيتقاسم المسرح مع ماري أبو خالد، لين أديب وفرقة «طنجرة ضغط». «أن تكون لدينا ساحة موسيقية حرّة لا تمارس الرقابة الذاتية». هذا أحد أبرز أحلام زيد، بالإضافة إلى حلم شخصي مرتبط بما قاله جون لينون ذات مرّة: «أريد عالماً بلا دين، أريده بأخلاق». فنان والمنتج الموسيقي الذي رأيناه في الفترة الماضية في ساحات التظاهر، يرفض وضع نفسه في إطار موسيقي محدّد، فقد خاض غمار الـ «تريب هوب» والـ «بوب» مروراً بالروك والريغي وصولاً إلى الموسيقى الإلكترونية. في 1997، شكّل زيد وياسمين حمدان ثنائي Soap Kills. تجربة لبنانية متفرّدة عرّفت زيد إلى الموسيقى العربية، لكن من بعدها كان لا بدّ من الفراق وبدء مرحلة جديدة. مرّ حمدان بتجارب فنية عدّة خلال هذه المرحلة قبل أن يُطلق في 2010 فرقة Zeid and the Wings التي سجّل عبرها مواقف عدّة، تمثّل أبرزها في أغنية «جنرال سليمان». ومعلوم أنّ حمدان ميّال إلى التعاون مع فنانات عربيات (مريم صالح، هبة منصوري...).
خلال كل هذه الفترة، «كبرت وتعلّمت وأيقنت أنّ العلاقة مع الفنانين الذين أعمل معهم هي الأساس وأهم من نجاح العمل... أبذل كلّ ما في وسعي لتكون مرحلة الإنتاج جميلة... الأسلوب الموسيقي ليس مهمّاً بقدر ما نتعلّمه من التجربة». وعمّا إذا كان تنويع الأنماط الموسيقية قد شوّس ربّما على اسم زيد حمدان، لا ينفي الأخير الأمر غير أنّه يشدّد على أنّ «كل ما يهمّني أنّني تعلّمت إنتاج أنواع موسيقية مختلفة وأغنيت مسيرتي».
جعفر الطفار: الراب «سلاح سياسي أو ثوري كي نبقى على قيد الحياة»


قبل حوالى 11 عاماً، تعرّف الجمهور إلى جعفر كمؤدّي راب من خلال ثنائي «الطفّار» الذي كان يضم أيضاً ناصر الدين. يجمع جعفر الطفّار بين الغناء الفلكلوري المحلي والهيب هوب بكلمات واضحة تسمّي الأشياء بأسمائها من دون مواربة، وتحكي بلسان المستضعفين والمهمّشين. ولا ينسى الفنان الهرملاني (نسبة إلى الهرمل في البقاع) العتابا التي يجيدها، لا سيّما أنّه نشأ في بيئة تعتبرها أسلوب حياة! في رصيده ألبومان، هما: «صحاب الأرض» و«عشيري»، إلى جانب مروحة من الأغاني المنفردة والقصائد. نذكر منها: «الأعرج»، «حالة حرب»، «ممنوع»، «رسالة إلى جورج عبد الله»... فضلاً عن أعمال مشتركة مع مغنّي راب محليين وعرب، ومجموعة من المنتجين الموسيقيين منهم «أسلوب».
في 29 شباط، يطلّ الفنان الشباب في «أنيس» بمرافقة عازف الناس يوسف سيوف والـ «دي جاي» وائل نعيم من فرقة «غرباء عكار». برنامج السهرة سيشمل أعمالاً قديمة وجديدة، على شاكلة «ممنوع» التي صدرت في 17 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2019. عن أغنياته الخاصة التي لا تزال تصدح في ساحات الاحتجاج، يعتبر جعفر أنّ هذا دليل على أنّ «ما أعمل من أجله من سنوات أتى ثماره وأنا مسرور جدّاً، على أن نصل إلى نتيجة». صحيح أنّ نسبة اليأس كبيرة جداً إزاء الأوضاع في البلاد، إلا أنّنا «محكومون بالأمل». وهو لا يحبّذ القول إنّ الراب «سلاح سياسي أو ثوري»، بل هو وسيلة لـ «فش الخلق... نحاول أن نبقى على قيد الحياة والاستمرار».