لا يمكن لمتحمّس للأدب اللاتيني أو الاسباني إلا وقد مرّ باسم صالح علماني (1949 ــــ 2019) ماركة الترجمة المسجّلة، والقامة الأدبية التي ساهمت في تعريف الأجيال العربية بمؤلفات أعمدة الأدب العالمي من روائع غابرييل غارسيا ماركيز، إلى إيزابيل الليندي، وماريو بارغاس يوسا، وجوزيه ساراماغو وإدواردو غاليانو. لذا سيستعيد اليوم كلّ قراء هذا الأدب الرفيع اسم مترجمهم الألمعي بعدما انطفأ في مكان إقامته في إسبانيا.علماني مترجم فلسطيني سوري احترف الترجمة عن اللغة الإسبانية بشكل خاص، ولد في حمص ودرس الأدب الإسباني وأمضى أكثر من ثلاثين عاماً في خدمة الأدب اللاتيني، ليصنع معادلات موضوعية، وأساليب جمالية تعني اللغة العربية على وجه الخصوص. يمكن القول عن حرفته أنها فكّ النص الأدبي، وإعادة تركيبه بلغة مختلفة جذرياً، من دون إفقاده هويته أو أصالته أو عناصره المتينة وفرادة اللغة التي كتب فيها.
ترجم علماني ما يزيد عن مئة عمل عن الإسبانية، لذا حظي في مكان إقامته بعناية وافرة، وإحاطة توازي الدور الهام الذي لعبه كجسر ثقافي حقيقي، وناقل معرفي، أتاح فرصة مترفة للقراء العرب كي يطّلعوا عن كثب على أهم النتاجات الأدبية، وقد كرّمته مدريد مرّات عديدة وسط غياب أيّ حفاوة سورية به في السنوات الأخيرة، في حين كانت بعض المعارضة السورية تشّن عليه حملات تشويه سمعة ومحاولات استفزاز أخرجته عن طوره مرّات عديدة.
يختصر قرّاء علماني علاقتهم معه بجملة واحدة تقول إنه كان: «ضمان الجودة» لعلّها اختصار مكثّف لرحلة بحث مضنية وتعريف صريح لمهنة الترجمة التي باتت تستباح في كثير من الأحيان.