شهدت الدورة الحادية والأربعون من «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» العرض الأوّل لفيلم «احكيلي» (98 د) للمخرجة والمنتجة المصرية ماريان خوري. في هذا العمل، ربّما أعادت الفنانة البالغة 61 عاماً اكتشاف ذاتها والتعرّف أكثر إلى ما فاتها في علاقتها مع أمها وجدتها على مدى عقود، لكنها في النهاية قدّمت وثائقياً مفعماً بالمشاعر عن نساء إحدى أهم العائلات السينمائية في مصر. في الشريط، يسرد أفراد من أجيال متعاقبة في العائلة ذكرياتهم مع الجدة «ماريكا» والأم «ايريس»، ويرسمون ملامحهما بالكلمات، ثم يأتي الدور الأقوى للأرشيف العائلي المصوّر الذي ورثته الابنة ماريان من جدتها وحافظت عليه لتثري به الفيلم.
وبحسب ما أوردت وكالة «رويترز»، يحمل «احكيلي» قدراً كبيراً من الصدق والمصارحة تقول المخرجة إنه ساعدها على «التصالح مع أمها» الراحلة. وبقدر الخصوصية التي تحملها تفاصيل الفيلم عن مناسبات ميلاد وسفر وزواج وموت، فإنّ التأمّل فيها يفتح مساحة أكبر أمام كل مشاهد للتأمل في حياته الشخصية.
حظي العمل بحفاوة من قبل الجمهور والنقاد في «مهرجان القاهرة»، حيث ينافس ضمن المسابقة الدولية التي تضم 15 فيلماً.
في هذا السياق، أكدت ماريان أنّ الوثائقي الرابع في رصيدها، كان في ذهنها منذ زمن طويل، لكنها «بدأت العمل عليه قبل تسع سنوات» منذ الانتهاء من فيلهما السابق «ظلال».
وأضافت أنّها اشتركت في ورش عمل عن صناعة أفلام السيرة الذاتية، وظلّت تنتقي من أرشيف الأسرة ما يناسب الفيلم وتقنع شقيقيها وباقي العائلة بالتحدّث أمام الكاميرا طوال هذه الفترة. وشدّد في الوقت نفسه على أنّ «الفيلم إنتاجه مصري مئة في المئة... كان من الصعب أن تشاركني شركة إنتاج وتفرض عليّ وجهة نظرها أو أن أذهب إلى أحد صناديق التمويل السينمائي لأطلب دعما لأنّ «احكيلي» له خصوصية كبيرة ويعنيني أنا في المقام الأوّل».
يمدّ «احكيلي» خطاً وثيقاً مع صناعة السينما في مصر، وربّما يؤرّخ لبعض فتراتها لأنّ والد ماريان عمل في شركتي «يونيفرسال» و«فوكس» الأمريكيتَيْن لصناعة الأفلام، كما أنتج ووزّع أفلاماً كثيرة في المنطقة العربية، فيما كانت زوجته «ايريس» منخرطة بشكل ما في هذه الصناعة لكن من دون العمل فيها.
كذلك، يسجل الفيلم ظهوراً خاصاً للمخرج المصري الراحل يوسف شاهين، خال ماريان خوري، من خلال حوارات نادرة سجلتها معه في الماضي، يتحدّث فيها بحرية أكبر عن عائلته وعن تناوله لأفرادها في أفلامه التي حمل بعضها صبغة السيرة الذاتية.
في سياق متصل، يدخل على الخط الجيل الرابع من العائلة، ممثّلاً في ابنة ماريان التي تدرس السينما في كوبا، وتطرح عليها هي الأخرى تساؤلات عن أمّها وعائلتها وتشترك في مناقشات غاية في الصراحة مع والدتها.
تجدر الإشارة إلى أنّ الدورة الحالية من «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»، والتي تحمل اسم الناقد الراحل يوسف شريف رزق الله، تُختتم بعد غدٍ الجمعة.