الـ «ريشاردان» الألمانيان فاغنر وشتراوس هما ضيفا «الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية» في افتتاح موسمها الجديد 2019 ــ 2020 بعد الاستراحة الصيفية التي تخللتها مشاركات عدّة للأوركسترا في حفلات الصيف السياحية وذات الطابع الشعبي بشكل عام. أما من الآن فصاعداً، فمساء كل جمعة موعدٌ كلاسيكي غربي ببرنامج مختلف في كل مرّة، حيث يتناوب على قيادة الأوركسترا لبنانيون متعاقدون أو أجانب ضيوف، بالإضافة إلى مشاركات، أيضاً لبنانية وأجنبية، للمؤدين المنفردين، على سبيل المثال، السوبرانو الألمانية التي تشارك في الحفلة المرتقبة هذا المساء.البرنامج الذي اختاره المعنيون لافتتاح الموسم الجديد يتألف من كلاسيكيات الريبرتوار بالنسبة للمتابعين الجديين لهذا النمط، لكنه يبقى غير مألوف بعض الشيء للذين لا تربطهم علاقة عميقة مع الموسيقى الكلاسيكية عموماً، وبالأخص الشق الأوبرالي والغنائي الجرماني، والمتمثّل، هنا، بعملاق الأوبرا الألمانية في القرن التاسع عشر، الذي تقرّبت منه النازية، ريشارد فاغنر (1813 ــ 1883) ووريثه الشرعي في الفن والفكر، ريشارد شترواس (1864 ــ 1949) الذي تقرّب من النازية (رغم بعض الاختلافات)، والذي كان من أبرز وجوه الفن في أوروبا من نهايات القرن التاسع عشر حتى أواخر النصف الأول من القرن العشرين. الأوّل، أي فاغنر، تذهب حصة الأسد في تركته إلى الأوبرا، وبالتالي الخيارات واضحة بالنسبة إلى برامج الأمسيات: افتتاحيات أو مقدّمات أوركسترالية من أوبراياته ومقتطفات غنائية من هذه الأوبرايات. أما الثاني، شتراوس، فمروحة أعماله لناحية الفئات أوسع وأغنى بكثير، إذ، بالإضافة إلى الأوبرا، كتب الرجل أعمال أوركسترالية كثيرة من فئة القصيدة السمفونية وأعمال غنائية وأعمال من فئة الكونشرتو (أو شبيهة بها) وغير ذلك.
بالتالي، ومع وجود الضيفة الألمانية، السوبرانو المغمورة كريستينا كوسروفي (1978)، اتخذ البرنامج شكلاً متوقّعاً: من عند فاغنر، ثلاثة أعمال من ثلاثة أوبرايات مختلفة، واحد أوركسترالي وواحد يبدأ أوركسترالياً ويدخل فيه الغناء لاحقاً وثالث غنائي. من عند شتراوس، عملان، الأوّل هو من نوع الـ «ليد» (جمعها «ليدر» وتعني «أغنية» بالألمانية) للسوبرانو والأوركسترا، وهي الـ «أغنية» الأولى من عمل شهير للمؤلف بعنوان «أربع أغنيات أخيرة» الذي يعتبر وصية شتراوس الموسيقية قبل وفاته. العمل الثاني هو أحد أجمل وأشهر الأعمال في فئة القصيدة السمفونية عند شتراوس (بعد «هكذا تكلّم زرادشت») ويحمل عنوان «موتٌ وتجلّي».
إنه برنامج متطلّب ومتعب نوعاً ما للأوركسترا التي يقودها في افتتاح الموسم المايسترو هاروت فازليان… قبل أن يسلّم العصا للقائد الفرنسي الضيف جان ــ كريستوف سبينوزي في برنامج فرنسي حصراً (رافيل، دوكا وسان-سانس)، ويليه، بعد أسبوعين، المايسترو الشاب لبنان بعلبكي في برنامج يجمع موزار (كونشرتو البيانو رقم 24، تؤديه تاتيانا بريماك-خوري) والمؤلف الروسي الذي كان يعشقه، تشايكوفسكي (السمفونية الرابعة).

*اليوم ــ الساعة الثامنة والنصف مساءً ــ كنيسة القديس يوسف للآباء اليسوعيين (الأشرفية ــ بيروت). للاستعلام: www.conservatory.com.lb