بشار زرقان: مغامرة جديدة مع النصّ الدرويشي

  • 0
  • ض
  • ض
بشار زرقان:  مغامرة جديدة مع النصّ الدرويشي

خلافاً لاشتغاله على «جدارية» محمود درويش، ونصوصٍ أخرى للشاعر الراحل مثل «لا تترك الحصان وحيداً»، و«على هذه الأرض ما يستحق الحياة»، بوصفها مناطق إيقاعية وملحمية، يستكشف المغنيّ والموسيقي السوري بشار زرقان تضاريس جديدة في النصّ الدرويشي، في مغامرة لافتة لصوغ جملة موسيقية تنساب برهافة وإشباع وزخم. في قصيدة «تُنسى» أولى أغاني ألبومه المنتظر، نقع على مقترح نغمي آسر، يجذب المتلقي إلى فضاءات مفتوحة على احتمالات النسيان والتذكّر، بنشوة صوتية تتناهب جهاتها ثلاث آلات هي الغيتار والأكورديون والتشيلو في تمازج حميمي: «تُنسى، كأنَّكَ لم تَكُنْ/ تُنْسَى كمصرع طائرٍ/ ككنيسةٍ مهجورةٍ/ تُنْسَى كحبّ عابرٍ وكوردةٍ في الليل .... تُنْسَى». احتدامات نص «تُنسى» لجهة الغياب، يقابلها حضور إيقاعي يثري مساحة الصور المنهوبة، ويغوص عميقاً في مواجهة فداحة الخسران، مطوّعاً شعرية النص إلى ما هو أبعد من الكلمات، نحو صورة نغمية خالصة، على رغم تقشفه باستعمال الآلات الموسيقية. وسوف يستعيد، من ضفةٍ أخرى، نصاً للحلّاج بعنوان «لي حبيب» نافياً القراءة الصوفية الصرفة للنصّ، وإنما الالتفات إلى النظرة الكونية للحب التي ينطوي عليها شعر الحلّاج. إذ يجد صاحب ألبوم «حالي حال» أن إغلاق القوس على المعاني الصوفية وحدها اختزال فادح للصورة المضمرة في نبرة هذا المتصوّف والشاعر المتفرّد. «لي حبيب أزورهُ في الخلواتِ/ حاضر غائب عن اللحظات/ ما تراني أصغي إليه بسرّي/ كي أعي ما يقول من كلماتِ». أنجز بشار زرقان هذه القصيدة بمنطق نغمي مختلف، وبقفزة غنائية تواكب الصورة الدرامية لشخصية الحلاج، بوصفها شارة غنائية لمسلسل تلفزيوني يتناول سيرة الشاعر المقتول. عدا هذين النصيّن، سيشتمل ألبومه الجديد على نصوصٍ أخرى من تلحينه، مراهناً على مسالك طربية مختلفة، تنأى عن الموجة الصاخبة، من دون أن تهمل اليومي، وتحوّلات الشارع، وحاجة المتلقي إلى ما يصدمه موسيقياً، نظراً إلى إحساسه بأن تجاربه الموسيقية السابقة قد «أخذت حقها تماماً، لجهة التعبير عن مرحلة، وضرورة مراودة عتبات جديدة أكثر وهجاً، سواءً في طريقة التوزيع، أو استخدام آلات موسيقية تستوعب زخم المخزون الداخلي المتراكم لديّ». من جهةٍ أخرى، ستجول كاميرا المخرج محمد عبد العزيز قريباً، برفقة بشار زرقان، في شوارع دمشق وبعض الأمكنة المنسية والمهملة، بحثاً عن معادل بصري لأغنية «تُنسى» في رهانٍ مشترك على محاربة التلوّث البصري والسمعي، وإيجاد منطقة موسيقية تسمو بالذائقة عالياً.

0 تعليق

التعليقات